وأمّا عمّا عدا آية التهلكة ، فبمنع منافاة الارتكاب للتقوى والمجاهدة ، مع أنّ غايتها الدلالة على الرّجحان على ما استشهد به الشهيد رحمهالله.
وأمّا عن آية التهلكة ، فبأنّ الهلاك بمعنى العقاب معلوم العدم ،
______________________________________________________
(وأما) الجواب (عمّا) تقدّم في الطائفة الثانية من الآيات فنقول : اما (عدا آية التهلكة ، فبمنع منافاة الارتكاب) هنا في الشبهة التحريمية (للتقوى والمجاهدة) لأنّ التقوى عبارة عن ترك الحرام ، لا ترك المشتبه ، والمجاهدة عبارة عن جهاد النفس في عدم ارتكاب الحرام لا ارتكاب المشتبه ، خصوصا وقد تقدّمت الأدلة الدالة على انّ الشارع أجاز ارتكاب المشتبه.
(مع انّ) هناك جوابا ثانيا عمّا عدا آية التهلكة وهو : ان (غايتها : الدلالة على الرّجحان) بمعنى : ان الاتقاء والمجاهدة الكاملين مستحبان شرعا لا انّهما واجبان ، وذلك (على ما استشهد به الشهيد رحمهالله) فانّ الشهيد الأوّل انّما استشهد بالآيتين على مشروعية القضاء لا على وجوبه ، فلا دلالة في الآيات على ما يذكره الأخباريون : من ان الشبهة التحريمية يحرم ارتكابها.
بل ان في مثل آية : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (١) دلالة على الاستحباب ، اذ لو كان المراد بالتقوى هنا : التقوى الواجبة ، كانت واجبة مطلقا ، لا بقدر الاستطاعة العرفية التي هي ظاهر الآية.
(وأما) الجواب (عن آية التهلكة ، فبأنّ الهلاك بمعنى : العقاب معلوم العدم) لما تقدّم من الأدلة الأربعة التي تدل على انّ الشبهة التحريمية ليست محرّمة العمل ، لوضوح : قبح العقاب من دون بيان.
__________________
(١) ـ سورة التغابن : الآية ١٦.