تصريفهما ، وتصريف
من فيهما وما فيهما ، فما من شيء من ذلك كله عبث ولا جزاف ، بل كل شيء قائم على
الحق ، وملتبس به ، وسائر في النهاية اليه.
ثم تستعرض الآيات
نعمة خلق الأنعام ، والأنعام المتعارف عليها في الجزيرة العربية كانت الإبل والبقر
والضأن والمعز ، وقد أباح الله أكلها ، أما الخيل والبغال والحمير فللركوب والزينة
، ولا تؤكل ، ثم يجيء التعقيب على هذه النعمة ، بقوله سبحانه :
(وَيَخْلُقُ ما لا
تَعْلَمُونَ) (٨).
ليظل المجال
مفتوحا في التصوّر البشري لتقبّل أنماط جديدة من أدوات الحمل والنقل والركوب
والزينة. إن الإسلام عقيدة مفتوحة مرنة ، قابلة لاستقبال طاقات الحياة كلّها ،
ومقدّرات الحياة كافة ، ومن ثم يهيّئ القرآن الأذهان لاستقبال كلّ ما تتمخض عنه
القدرة والعلم والمستقبل ، استقباله بالوجدان الديني المتفتح المستعدّ لتلقي كل
جديد ، في عجائب الخلق ، والعلم والحياة.
ولقد وجدت وسائل
للحمل والنقل والركوب والزينة لم يكن يعلمها أهل ذلك الزمان ، وستجدّ وسائل أخرى
لا يعلمها أهل هذا الزمان ، والقرآن يهيّئ القلوب والأذهان بلا جمود ولا تحجّر ،
حينما يقول سبحانه وتعالى :
(وَيَخْلُقُ ما لا
تَعْلَمُونَ) (٨).
والفوج الثاني :
من آيات الخلق والنعمة ، إنزال الماء ، وإنبات النبات والمرعى والزرع ، التي يأكل
منها الإنسان ، مع الزيتون والنخيل والأعناب وغيرها من أشجار الثمار.
في الفوج الثالث
تتحدث الآيات عن تسخير الليل والنهار ، والشمس والقمر ، والنجوم ، وكلّها ذات أثر
حاسم في حياة الإنسان ، ومن شاء فليتصور نهارا بلا ليل ، أو ليلا بلا نهار ، ثمّ
يتصوّر مع هذا حياة الإنسان والحيوان والنبات في هذه الأرض كيف تكون ، كلّ أولئك
طرف من حكمة التدبير ، وتناسق النواميس في الكون كله. يدركه أصحاب العقول التي
تتدبر وتعقل :
(إِنَّ فِي ذلِكَ
لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (١٢).
وفي الفوج الرابع
من أفواج النعمة فيما خلق الله للإنسان :
(وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي
الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً