الخاتمة
الآيات (٩٢ ـ ١١٢)
ثم قال تعالى : (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (٩٢). فذكر لهم سبحانه ، أنّ ملّتهم التي يدعوهم إليها ، ملّة واحدة تتابع أولئك الأنبياء عليها ، وأنّ ربّهم واحد يجب أن يعبدوه ، وأنهم انحرفوا عن تلك الملّة ، فتفرّقوا فرقا كثيرة ، وأنه لا بدّ من يوم يرجعون فيه إليه سبحانه ، فلا ينجو منهم إلّا من آمن به وعمل صالحا. وأمّا من أهلكهم من أهل القرى ، فلا يمكن أن يرجعوا إلى دنياهم ، ليستدركوا ما فاتهم ؛ وإذا فتحت يأجوج ومأجوج ، يكونون أوّل الناس حضورا في محفل القيامة. وهنالك ينادون بالويل ، ويشهدون على أنفسهم ، أنهم كانوا في غفلة عن هذا اليوم ، فيقال لهم : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) (٩٨) ولو كانوا آلهة ما وردوها ، لأنّ الالهة لا يصحّ تعذيبها. ثم ذكر سبحانه أن الذين سبقت لهم منه الحسنى ، لا يردون جهنّم ، وأنّهم يدخلون الجنّة فيدخلدون فيها ، إلى غير هذا ممّا ذكره في أحوال هذا اليوم.
ثمّ ذكر تعالى أنه كتب في الزّبور من بعد التوراة ، أنّ الأرض يرثها عباده الصالحون ، لينذر المشركين بتسليط المؤمنين عليهم في الدنيا ، بعد أن أنذرهم بسوء حالهم في الاخرة ، فيكون ما اقترب من حسابهم في الاخرة والدنيا معا ؛ ثمّ ذكر أن في هذا الإنذار كفاية لقوم عابدين ، وأنه سبحانه لم يرسل النبي (ص) إلّا رحمة للعالمين ، فلا بد من أن يظهر أمره ليكون فيه رحمتهم وصلاحهم ؛ ثمّ ختم السورة بإجمال ما ذكره فيها ، فأمر النبي (ص) أن يذكر لهم أنّ إلههم إله واحد لا شريك له ، فيجب أن يؤمنوا به ، وأمره أن يؤذنهم بيوم عذابهم ، إن أعرضوا عنه ، وأن يخبرهم بأنّه لا يدري أقريب أم بعيد ما يوعدون ، لأنّه سبحانه هو الذي يعلم كلّ شيء من جهر القول وما يكتمون ؛ ثمّ ذكر أنّ تأخير ما يوعدهم به ، إنّما هو فتنة لهم ومتاع إلى حين (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) (١١٢).