وأمّا «المرجّح الثالث» ـ وهو الظنّ باعتبار بعض فيؤخذ به لأحد الوجهين المتقدّمين ـ ففيه ، مع أنّ الوجه الثاني لا يفيد لزوم التقديم ، بل أولويّته : أنّ الترجيح على هذا الوجه
______________________________________________________
وبصرك عن أخيك» (١) وقال : «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (٢) وهكذا ، مع إنّه كثيرا ما نظنّ بخلاف هذه الأمور ظنّا قويا ، فانّه قد نظنّ بحرمة الشيء ونجاسته ، وإنّ البينة مشتبهة في الشهادة ، وانّ الحالف يكذب أو يشتبه ، وإنّ ما رآه بصرنا وسمعه سمعنا أقوى ممّا يدّعيه الأخ ، وانّ المقر كاذب لجهة من الجهات ، والى غير ذلك.
(وأمّا المرجح الثالث : وهو الظنّ باعتبار بعض) دون بعض فاذا كان هناك ظنّ واحد ، وهناك ظنّان فذو الظنّين مقدّم على ذي الظّنّ الواحد (فيؤخذ به) أي : بمظنون الاعتبار (لأحد الوجهين المتقدّمين) ممّا ذكرناه في أوّل الثالث بقولنا : امّا لكونه أقرب الى الحجية من غيره ، وإمّا لأنّه أقرب لمصلحة الواقع.
(ففيه مع انّ الوجه الثاني) وهو : كونه أقرب الى إحراز مصلحة الواقع (ـ لا يفيد لزوم التقديم ، بل أولويّته ـ) وفرق بين اللزوم والأولويّة ، فان اللزوم لازم بينما الأولويّة راجحة ، فانّ العقل لا يحكم بأزيد من انّ الذي له أولوية أرجح ، لا إنّه لازم إلّا إذا كانت أولوية واصلة الى حدّ المنع من النقيض ، والمفروض انّه لا تصل الى ذلك.
ففيه : (ان الترجيح على هذا الوجه) أي : الوجه الثاني وهو : كونه أقرب إلى
__________________
(١) ـ الكافي (روضة) : ج ٨ ص ١٤٧ ح ١٢٥ ، ثواب الأعمال : ص ٢٩٥ ح ١ ، وسائل الشيعة : ج ١٢ ص ٢٩٥ ب ١٥٧ ح ١٦٣٤٣ ، بحار الأنوار : ج ٧٥ ص ٢١٤ ب ٦٥ ح ١١ وص ٢٥٥ ب ٦٦ ح ٤٠.
(٢) ـ غوالي اللئالي : ج ١ ص ٢٢٣ ح ١٠٤ وج ٢ ص ٢٥٧ ح ٥ وج ٣ ص ٤٤٢ ح ٥ ، وسائل الشيعة : ج ٢٣ ص ١٨٤ ب ٣ ح ٢٩٣٤٢.