لو سلّمنا عدم كونه علّة تامّة للقبح ، كالظلم ، فلا شكّ في كونه مقتضيا له ، كالكذب ، وليس من قبيل الأفعال التي لا يدرك العقل بملاحظتها في أنفسها حسنها ولا قبحها.
وحينئذ : فيتوقف ارتفاع قبحه على انضمام جهة يتدارك بها قبحه ، كالكذب المتضمّن لانجاء نبيّ.
______________________________________________________
الثاني : ما كان مقتضيا للقبح لا علة تامة له كالكذب ، فان فيه مقتضى القبح ، فاذا انضم اليه نجاة مسلم لم يكن قبيحا ، مع انه يبقى كذبا ، لان الكذب هو مخالفة الخبر للواقع.
الثالث : ما كان قبحه بالوجوه والاعتبارات ، لا أنه ذاتا قبيح ، ولا انه فيه مقتضي القبح ، كضرب اليتيم ، فانه ان ضربه تأديبا كان حسنا ، وان ضربه اعتباطا كان قبيحا ، فاذا لم يكن التجري من القسم الاول ، فلا بد وان يكون من القسم الثاني.
والى هذا اشار بقوله : (لو سلمنا عدم كونه) اي التجرّي (علّة تامة للقبح ، كالظلم) الذي هو علة تامة للقبح (فلا شك في كونه مقتضيا له ، كالكذب) فكيف قال الفصول : ان قبحه بالوجوه والاعتبارات؟ (و) الحال ان التجرّي (ليس من قبيل الافعال ، التي لا يدرك العقل ـ بملاحظتها في انفسها ـ) وبما هي هي (حسنها ولا قبحها) حتى يكون حال التجري حال ضرب اليتيم.
(وحينئذ) اي حين كان من قبيل المقتضي (فيتوقف ارتفاع قبحه على انضمام جهة) محسنة اليه (يتدارك بها) أي بتلك الجهة (قبحه ، كالكذب المتضمن لانجاء نبي) او مؤمن ، أو كافر ذمي محقون الدم ، فان الكذب جائز هنا بل واجب ، وان كان لنجاة مثل الكافر الذمي ، فان اهل الذمة محفوظون في بلاد الاسلام دما ومالا وعرضا.