وقد وضح مما
قدمناه أن الغاية من علم الأصول استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها ، والأحكام
الشرعية على نوعين :
منها تكليفية ،
وهي الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ، ومنها وضعية مثل الصحة
والفساد.
وليس من شك أن من
تمكن من علم الأصول وتضلّع فيه ، فهو كامل العدة والآلة لاستخراج الحكم الشرعي من
دليله ، ويستطيع الدفاع عن رأيه بمنطق الدليل والبرهان ، وهذا هو عين الاجتهاد ،
وبذلك تبيّن أنه لا مجتهد بلا علم بأصول الفقه ، ولا عالم بأصول الفقه بلا ملكة
الاستنباط ، وأيضا تبيّن أن معرفة الفروع دون الأصول ليست من علم الفقه في شيء حيث
اتفق العلماء على أنّ الفقه هو العلم بالاحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية ،
ومعنى هذا أن كل فقيه مجتهد ، وكل مجتهد فقيه ولو بالملكة ، وان غير المجتهد ليس
بفقيه .
والكتاب الذي بين
يديك هو لواحد من أعلام الفقه والاصول وهو آية الله العظمى الشيخ مرتضى الانصارى قدسسره ، والذي ولد في مدينة دزفول الايرانية ، وهاجر الى العراق
وهو في عمر العشرين عاما ، وكانت كربلاء المقدّسة أول محطة له ، حيث تلقى دروسه
عند السيد محمد المجاهد ، وعند شريف العلماء ، وكان والده مردّدا بين العودة الى
ايران والبقاء في العراق ، فتدخل السيد محمد المجاهد في اقناع أبيه على البقاء في
كربلاء المقدّسة ، فبقى ملتزما درس السيد محمد المجاهد ، حتى وقعت حوادث سنة «١٢٤١
ه» في كربلاء المقدّسة ، حيث تم محاصرتها من قبل الوالي العثماني «داود باشا»
فاضطرّ عدد كبير من طلبة العلوم الدينية ترك كربلاء الى الكاظمية والنّجف
الشريفتين ، وكان الشيخ مرتضى ممن هاجر الى الكاظمية ثم عاد الى كربلاء بعد انتهاء
الحصار ، فأخذ يحضر درس الشيخ شريف العلماء المازندراني ، ثم عاد الى ايران ومكث
في نراق من قرى
__________________