تعددها كأن يعلم أنّ مراده من قوله يجب صوم شهر رمضان صوم تسعة وعشرين أو ثلاثين يوما وإنما عبّر بالشهر لكونه عبارة جامعة أخصر ، وأمّا لو اريد تلك الامور من حيث عروض عنوان وحداني لها فلا ريب أنه مجرى لقاعدة الاشتغال ، مثلا قوله يجب صوم شهر رمضان وإن لم يقتض أن يكون صوم كل يوم جزءا من المكلف به بحيث يتوقف صحته على صوم باقي الأيام منه إلّا أنه يفهم منه أنّ المقصود عدم خلوّ يوم من الشهر من الصوم كما يدل عليه «صم للرؤية وأفطر للرؤية» (١) وبعبارة اخرى يفهم منه أنّ الواجب جميع ما يمكن من الصيام فيما بين الهلالين ناقصا كان الشهر أو تاما ، وبهذا الاعتبار يعدّ تكليفا واحدا ، وإن كان الصيام تكاليف في حد أنفسها يصح صوم كل يوم مع قطع النظر عن صحة صوم باقي الأيام ، وحينئذ يقال يجب صوم يوم الشك من آخر رمضان بقاعدة الاشتغال تحصيلا للعلم بحصول عنوان صوم الشهر على ما مرّ ، ولو فرضنا أنه علم بعدد الأفراد التي تقع بين الحدين وأنه ثلاثون مثلا وشك في حصول الغاية الراجع إلى الشك في الاتيان بتمام الأفراد المعلومة ثبوت التكليف بها كان جريان قاعدة الاشتغال فيه أظهر لا مجال لتوهم جريان البراءة هنا ، مع أنّ إطلاق كلام المصنف يقتضي جريان البراءة هنا أيضا فتدبّر.
قوله : فعلم ممّا ذكرنا ـ إلى قوله ـ لا يجري إلّا في قليل من الصور (٢).
قد علم مما قرّرنا أنّ جميع الصور التي ذكرها بل الصور التي أهملها ونحن أشرنا إليها مجرى للاشتغال ، بل قد مر سابقا منّا أنّ الأصل الأوّلي مع قطع النظر عن الاستصحاب وشبهه هو الاشتغال في مطلق الشبهات الموضوعية ولو لم يكن
__________________
(١) الوسائل ١٠ : ٢٥٥ و ٢٥٦ / أبواب أحكام شهر رمضان ب ٣ ح ١٣.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ١٨١.