الانفكاك بينهما أحيانا ، مثل : تعلّق القطع بوجود ما لا واقعيّة له ، فكيف يمكن أن يكون القطع هنا طريقا إلى الواقع وكاشفا عنه؟!
وإذا قيل : إنّ كاشفيّة القطع وطريقيّته تكون بحسب اعتقاد القاطع ، وهو بنظره لا يرى إلّا الواقع.
قلنا : إنّ هذا دليل للفرق بين مسألة كاشفيّة القطع ومسألة لازم الماهيّة ، فإنّ الزوجيّة ـ مثلا ـ من لازم ماهيّة الأربعة في كلّ وعاء وعند جميع الأنظار والأشخاص ، ولا يتصوّر الانفكاك بينهما ، فلا تكون كاشفيّة القطع قابلة للمقايسة معها.
ولكنّك قد لاحظت في المنطق تعريف العلم بأنّه إن كان إذعانا للنسبة فتصديق ، وإلّا فتصوّر ، أي كما أنّ التصديق علم كذلك التصوّر علم ، وقد عرفت مرارا أنّ في مورد تحقّق العلم يتحقّق معلومان : أحدهما معلوم بالذات وهو الصورة الحاصلة عند النفس ، والآخر معلوم بالعرض وهو الموجود الخارجي.
ولا يتحقّق في العلم والقطع معلوم بالعرض في بعض الموارد بحسب الواقع ، كما إذا كان القطع بمجيء زيد من السفر مخالفا للواقع مع وجود العلم والمعلوم بالذات ، فإن كانت كاشفيّة القطع وطريقيّته بالنسبة إلى معلوم بالعرض فلا يصحّ المقايسة بينها وبين لازم الماهيّة ؛ لتحقّق الانفكاك بينهما كما عرفت ، وإن كانت الكاشفيّة والطريقيّة بالنسبة إلى معلوم بالذات فتصحّ المقايسة بينهما ؛ إذ لا يمكن الانفكاك بين القطع والمعلوم بالذات.
ويؤيّده ما صرّح به المحقّق النائيني قدسسره بعد المقايسة بينهما بقوله : بل بوجه يصحّ أن يقال : إنّها عين القطع. ويستفاد منه جعله قدسسره ملاك الكاشفيّة عبارة