إذ الواضع في مقام الوضع اشترط أنّ صحّة استعمال كلمة «من» في هذا المفهوم الكلّي مشروط بلحاظه آلة للغير ، وصحّة استعمال كلمة «الابتداء» فيه مشروط بلحاظه مستقلّا.
ولكن هذا الاحتمال مخدوش من جهات : الاولى : أنّه لا دليل لنا لوجود هذا الشرط مع خلوّ كتب اللغة عنه.
الثانية : أنّه على فرض وجوده لا دليل يدلّ على وجوب اتّباعه ، فإنّ كون الله تعالى واضعا غير معلوم ، وأمّا لزوم اتّباع الشرط في المعاملة فتكون لتعهّد المتعاملين أوّلا ، ولقوله صلىاللهعليهوآله : «المؤمنون عند شروطهم» (١) ثانيا.
وأمّا في باب الوضع مع فقدان المستعمل حين الوضع فلا دليل على لزوم اتّباعه.
الثالثة : على فرض وجود هذا الشرط حين الوضع ولزوم اتّباعه فهذا التزام في التزام ، ومطلوب في ضمن مطلوب آخر ، وتخلّف الالتزام الثاني لا يوجب بطلان الالتزام الأوّل ، كما أنّ تخلّف الشرط في المعاملة لا يوجب بطلان المعاملة ، بل يوجب الخيار كما هو واضح ، مع أنّ استعمال كلمة «من» بدل كلمة «الابتداء» وبالعكس باطل بلا إشكال.
الثاني : أنّ الواضع لاحظ المفاهيم في مقام الوضع ورأى بينها اختلافا من حيث الأصالة والتبعيّة ، فإنّ مفهوم الإنسان ـ مثلا ـ كان من المفاهيم الأصيلة غير الآليّة ، فوضع لفظ الإنسان له بعنوان الوضع العامّ والموضوع له العامّ ، بخلاف مفهوم الابتداء فإنّ الواضع رأى أنّ فيه يتحقّق نوعان من اللحاظ ، وكلاهما مورد الاحتياج حين الاستعمال من حيث الاستقلاليّة والآليّة ، فوضع
__________________
(١) بحار الأنوار ٧٥ : ٩٦ ، الحديث ١٨.