لإثبات حقها وصدقها ، ثم من حيث سعة الأفق والشمول والمميزات التي لم تسبق ولم يلحق بها في شتى مناحي التشريع والتلقين ، والتوجيه إلى أفضل المثل وأقوم الطرق مع الاتساق التام وحقائق الأمور وطبائع الأشياء والتمشي مع كل ظرف ومكان والاستجابة إلى كل شأن من شؤون الناس وحاجاتهم الروحية والمادية والعامة والخاصة ، وحسب اختلافهم وتفاوتهم في العقل والسعة والثقافة والأفق.
واحتوى كذلك حلولا للمشاكل المعقدة التي كانت تجعل الناس شيعا وأحزابا ، وفرقا وأضدادا ، وإهابة بالغلاة والمفرطين للارعواء عن غلوهم وإفراطهم ، وإرشادا للحائرين والمترددين للانتهاء من حيرتهم وترددهم بأسلوب وجّه فيه الخطاب إلى العقول والقلوب معا فيه كل القوة وكل النفوذ وكل الإقناع لمن لم تخبث طويته ، ويجعل إلهه هواه ، ويتعمد العناد والمكابرة والاستكبار عن قصد وتصميم ، ثم احتوى تنظيما للمناسبات بين مختلف فئات الناس وخاصة بين المستجيبين للدعوة ـ المسلمين ـ وغيرهم على أساس المسالمة والحرية والحق والعدل والتزام حدود ذلك بالتقابل ، وكفّ الأذى وعدم الصد والتعطيل والدّس ، والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن إلا الظالمين الذين يصدون عن سبل الله ويبغونها عوجا ، ومقابلة العدوان بمثله حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله (١).
__________________
(١). ١ ـ اقرأ مثلا الآيات التالية في صدد تقرير كون الدعوة في غنى عن الخوارق : الأنعام [٤ ـ ٢٠ و ١٠٩ ـ ١١٧] ، ويونس [١٥ ـ ٣٦] ، والرعد [٧ ـ ٣٢] ، والإسراء [٨٩ ـ ١٠٠] ، والأنبياء [٢ ـ ١٠] ، والفرقان [١ ـ ١٠] ، والعنكبوت [٤٥ ـ ٥٢].
٢ ـ اقرأ مثلا الآيات التالية في صدد أهداف الدعوة ومبادئها ووحدتها من دعوة النبيّين وحل المشاكل وتنظيم المناسبات : البقرة [٨٣ ـ ٩٠ و ١٠١ و ١٣٦ ـ ١٣٩ و ١٧٧ و ٢١٣ و ٢٦١ ـ ٢٨٦] ، وآل عمران [٣٤ ـ ٦٤ و ١٠٤ و ١١٠ و ١٨٩ ـ ١٩٩ و ١٥٠ ـ ١٦٦ ، والنساء [١ ـ ٣٨ و ٩٠ ـ ١٣٥ و ١٦٣ ـ ١٧٩] ، والمائدة [١ ـ ٥ و ٤٤ ـ ٥٠ و ٥٩ ـ ٨٦] ، والأنعام [١٤٧ ـ ١٥٣] ، والأعراف [٢٩ ـ ١٣٣ و ١٥٦ ـ ١٥٨] ، والنحل [٩٠ ـ ٩٧ و ١٢٥ ـ ١٢٨] ، والإسراء [٢٢ ـ ٣٩] ، ومريم [١٦ ـ ٣٧] ، والمؤمنون [١ ـ ١٠] ، والفرقان [٦٣ ـ ٧٦] ، والعنكبوت [٤٥ ـ ٤٩] ، والشورى [١٣ ـ ١٥ و ٣٦ ـ ٤٣] ،