اشتراط العمل بعدم العلم دون الواقع ـ كاشتراط الصلاة بعدم العلم بالغصب في اللباس والمكان وغير ذلك ـ ومن البيّن تحقّق الشرط المذكور في نفس الأمر وإن انكشف بعد العمل مخالفته للواقع ، كما إذا علم بالغصب بعد الصلاة فليس ذلك من مخالفة الواقع في شيء.
وقد تقرّر المسألة على عكس الوجه المذكور فيقال : إنّ الأمر الواقعي هل يقتضي الإجزاء مع مخالفة الطريق الظاهري أم لا؟ ولابدّ فيه من إحراز جميع الشرائط الواقعيّة حتّى النيّة في العبادات الخاصّة ، لعدم اندراجه في المأمور به بالأمر الواقعي مع الإخلال بشيء منها ، لكن لا يعقل القول بالفساد مع الفرض المذكور. فيرجع المسألة إلى أنّ موافقة الطريق الشرعي أو عدم مخالفة الحكم الظاهري هل هو شرط في صحّة العمل بالواقع أم لا؟
ولتحقيق الكلام في ذلك محلّ آخر في أحكام عبادة الجاهل.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : حجّة القول بالإجزاء وجوه :
الأوّل : أنّ القضاء عبارة عن استدراك ما فات من مصلحة الأداء أو مصلحة صفته أو شرطه. وإذا كان المأمور قد أتى به على وجه الكمال والتمام من غير نقص ولا إخلال فوجوب القضاء استدراكا لما حصل تحصيل للحاصل ، وذلك أنّ الفعل المأتيّ به إن لم يكن كافيا في حصول المصلحة المقصودة لزم القصور في الأمر المتعلّق به ، وإلّا كان تحصيلها ثانيا تحصيلا للحاصل.
واعترض عليه : بأنّ كلام الخصم يشعر بأنّه ليس النزاع في الخروج من عهدة الواجب بهذا الأمر ، بل أنّه هل يصير بحيث لا يتوجّه إليه تكليف بذلك الفعل بأمر آخر أو لا؟ ولا خفاء في أنّ المأتيّ به ثانيا لا يكون نفس المأتي به أوّلا بل مثله ، فلا يكون تحصيلا للحاصل.
ولا نسلّم أنّ القضاء عبارة عن استدراك ما فات من مصلحة الأداء ، بل عن الإتيان بمثل ما وجب أوّلا بطريق اللزوم.
واجيب : بأنّ الواجب في الحقيقة إنّما هو نفس الطبيعة دون خصوصيّات