جابر في ذلك. وإن كانت الشرطيّة ثابتة للمجموع دون البعض إلّا من باب المقدّمة ـ كما في الطهارات الثلاث ـ لم يجب البعض عند تعذّر الباقي إلّا إذا اندرج في النصّ المذكور مع وجود الجابر.
وعلى الوجهين فإن لم يثبت بقاء التكليف بالمشروط فالأصل سقوطه بتعذّر شرطه إلّا من باب النصّ المذكور كما عرفت.
وأمّا الأسباب الشرعيّة الّتي لم يتعلّق بها أمر من الشرع فالأصل عدم ترتّب الأثر عليها مع تعذّر بعض أجزائها أو شرائطها ، إلّا أن يثبت بدليل آخر فيعتبر القدر الممكن منها في الحكم بترتّبه عليها.
ومنها : أن يكون الفعل واجبا للتوصّل به إلى العلم بحصول الواجب ـ كالصلاة إلى الجهات الأربع ـ فهل الأصل وجوب الإتيان بالقدر الممكن عند تعذّر البعض؟ وجهان : من أنّ المفروض تعذّر تحصيل العلم بأداء المطلوب لتعذّر بعض مقدّماته فيسقط التكليف به فلا يجب الإتيان بسائر مقدّماته أيضا ، ومن أنّ تحصيل العلم إنّما يجب للتحرّز عن ضرر المخالفة فإن اتّفق مصادفة الواقع للمتعذّر فلا شكّ في إعذار المكلّف في ترك الواقع ، ومن المحتمل مصادفة الواقع الغير المتعذّر. وحينئذ فلا دليل على معذوريّة التارك للواجب ، فوجوب التحرّز عن الضرر المخوف يقتضي الإتيان بالقدر الممكن ، للقطع معه بإعذار المكلّف وسقوط التكليف عنه ، ولا قطع به مع عدمه ، وهذا هو المتّجه.
فإن قلت : إنّ هذا إنّما يتمّ لو تعلّق التكليف به قبل حصول العذر فيستصحب حتّى يحصل العلم بسقوط التكليف بالإتيان بما أمكن من المحتملات ، أمّا لو حصل العذر من أوّل الأمر فلا علم بتعلّق التكليف به حتّى يستدعي العلم بالبراءة.
قلت : إنّ المفروض وجود المقتضي للتكليف والعلم به والشكّ في العذر الواقع له ، فيقتصر في الحكم به على المتيقّن ويبنى على المقتضي في غيره.
ويمكن التفصيل في المسألة بأن يقال : إنّه قد يكون المتعذّر أحد الأفراد الّتي يتردّد الواجب بينها لا بعينه كما إذا ضاق الوقت عن الصلوات الأربع دون الأقلّ ،