تعالى : (إِلى أَمْوالِكُمْ) ، وإن أوّله بعضهم بتقدير معنى الإضافة ، وعلى ذلك قد يحمل قوله تعالى : (إِلَى الْمَرافِقِ) كما في الخبر ، وحينئذ فلا دلالة في التقييد بذلك على انتفاء الحكم فيما بعد ، إذ هو حينئذ من جملة القيود الواقعة في الكلام الّتي لا يدلّ إثبات الحكم في موردها على نفيه عن غيره ، ولو دلّ على ذلك لكان باعتبار أنّه لو كان ما بعد المرفق داخلا في المغسول لكان الاقتصار على ذكر المرفق تخصيصا في الذكر من غير فائدة ، بل مخلّا بالمقصود ، إلّا أن تظهر هناك فائدة اخرى في التصريح المذكور دون غيره ، وتلك جهة اخرى خارجة عن مقتضى الوضع أو المعنى المستعمل فيه ، ولا ريب في خروج مثل ذلك عن محلّ المسألة ، وإنّما الكلام هناك في أداة الغاية ، بل كلّما يدلّ عليها أو يستعمل فيها من اسم أو حرف لاشتراكها في التقييد بمعنى الغاية وحقيقتها ، وقد عرفت استلزامه للانتفاء فيما بعدها ، وكذا الحال في كلّ ما دلّ على التوقيت والتحديد بحسب المبدأ أو المنتهى ، كقوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)(١) ، لاستلزام التوقيت للانتفاء في خارج الوقت.
الثالث : أنّه قد ذكر الغزالي : أنّه يحتمل أن يقال : كلّ ما له ابتداء فغايته مقطع لبدايته ، فيرجع الحكم بعد الغاية إلى ما كان قبل البداية ، فيكون الإثبات مقصورا أو محدودا إلى الغاية ، ويكون ما بعد الغاية كما كان قبل البداية.
ولا يخفى أنّ ذلك إنّما في الحكم الإيجابي الحاصل بعد النفي المطلق ، إذ بعد قصر الحكم المفروض على ما بين الحدّين يرجع فيما عداه إلى أصالة النفي وهذا لا اختصاص له بأداة الغاية ، بل يجري في مطلق القيود الواقعة في الكلام ، إذ بعد فرض انحصار الحكم الثبوتي في موردها يتعيّن الرجوع في غيره إلى النفي الأصلي ، وأمّا إذا كان إثبات الحكم المغيّا مسبوقا بحكم وجوديّ آخر لم يكن فيه دلالة على رجوع حكم ما بعد الغاية إلى ما كان قبل البداية.
__________________
(١) الإسراء : ٧٨.