وتوهّم الإجماع على إثبات المفهوم في تلك الصورة وحمل المطلق لأجله على المقيّد كما يظهر من كلام شيخنا البهائي رحمهالله ، وهم فاحش ، بل يتوقّف على القول بإثبات المفهوم ، ويأتي فيه الخلاف الواقع في المفهوم. إنّما يتمّ دعوى الإجماع مع ثبوت المعارضة بين المطلق والمقيّد من غير تلك الجهة ، كما في المثال السابق ، وهو قوله : «أعتق رقبة» و «أعتق رقبة مؤمنة» لاستناد الحكم فيه إلى ظهور الأمر الثاني في الوجوب التعييني ، فلابدّ معه من حمل المطلق على المقيّد ، والإجماع على الحمل إنّما يسلّم في مثله ولا ربط له بدلالة المفهوم ، إلّا أنّها على القول بها مؤكّدة للحمل ، ولا يتصوّر التفرقة في ذلك على القولين بين سبق المطلق أو تأخّره ، مع أنّ مقتضى التعليل المنقول عن شيخنا رحمهالله المشار إليه الفرق بينهما في ذلك ، كما مرّت الإشارة إليه ، ولم يقل به أحد ، مضافا إلى ما يرد عليه ممّا تقدّم ذكره.
وأمّا إذا لم يكن هناك عموم أو إطلاق يدلّ على ثبوت الحكم في فاقد الوصف أو نفيه فاللازم رجوع الواقف في ذلك كالنافي إلى مقتضى الأصل العملي ، لعدم ظهور الدليل الاجتهادي في محلّ المسألة على التقديرين ، إلّا أنّ الثاني يقول بانتفائه ، والأوّل إنّما يقول بعدم ظهوره ، فلابدّ له من الفحص عن حاله بالقدر المعتبر فيه ، ومعه يتعيّن الرجوع إلى الأصل ، فإن اقتضى البراءة أو الاشتغال لزم البناء على أحدهما في ذلك ، وإلّا تعيّن الأخذ بالحالة السابقة في موارد الاستصحاب والعمل بمقتضى الاحتياط في موارده ، فالحال في ذلك يختلف باختلاف المقامات على حسب اختلاف الاصول العمليّة في مواردها.
وقد ظهر ممّا مرّ في تقرير كلام شيخنا المشار إليه : حجّة القول الرابع المستفاد منه وجوه الاعتراض عليه ، وإنّما استفيد هذا القول من كلامه قدسسره على حسب ما فهمه في ذلك، لدلالته على تصويب القول بالتفصيل فيه ، وزعمه بناء القوم عليه وإن لم يوافقه عليه أحد منهم. وعلى هذا فيمكن استفادة أقوال اخر في المسألة من كلام جماعة من الاصوليّين ولو في غير المقام.