بالفعل من جهة
كونه أحد الواجبين المخيّرين ، وليس كذلك كما يعرف من ملاحظة الشرع، وأن يكون
العصيان المترتّب على ترك العزم لا من جهة تركه بخصوصه ، بل لكونه تركا لأحد
الأمرين اللذين وجبا عليه على سبيل التخيير ، حسب ما مرّت الإشارة إليه.
ويمكن أن يقرّر
كلّ من الوجهين معارضة مستقلّة ، فيكون كلّ منهما جوابا مستقلّا على سبيل المعارضة
، وقد يومئ إليه قوله : وأيضا.
ويمكن أن يقرّر
ذلك منعا ، ويكون كلّ من الوجه الأوّل والثاني سندا للمنع.
وقد يقرّر الأوّل
معارضة والثاني منعا ، وهو أبعد الوجوه ، وقد يستظهر ذلك من قوله : ليس لكون
المكلّف الخ لإشعاره بمنع حصول التخيير بين الأمرين ، وهو كما ترى لعدم ظهور ذلك
في المنع أصلا ، بل مقصوده نفي ذلك ليدفع به ما توهّم من ثبوت حكم الخصال في
المقام.
قوله
: (حكم من أحكام الإيمان ... الخ).
إن اريد به أنّه
لازم من لوازم الإيمان وتابع لحصوله فضعفه ظاهر ، لوضوح أنّ نفس الإتيان بالواجبات
وترك المحرّمات ليس من لوازم الإيمان فكيف العزم عليهما؟ كيف! ولو كان ذلك من
لوازم الإيمان لما صحّ تعلّق التكليف بها بعد حصول الإيمان ، فلا يتفرّع عليه ما
ذكره من وجوب ذلك مستمرّا عند الالتفات إلى الواجبات.
وإن اريد به أنّ
وجوبه من الأحكام التابعة للإيمان فليس هناك وجوب للعزم قبل حصول الإيمان ، وإنّما
يجب ذلك بعد حصوله ففيه : أنّه لا وجه حينئذ للتفصيل ، فإنّه إن قلنا بكون الكفّار
مكلّفين بالفروع كان العزم المذكور واجبا على الكفّار أيضا كغيره من الواجبات ،
وإن لم نقل بكونهم مكلّفين بالفروع لم يتحقّق التكليف به ولا بغيره.
وقد يقال : إنّ
العزم على الواجبات ليس واجبا في نفسه ، بل لأنّ قضيّة وجوب الطاعة على المكلّف أن
يعزم على كلّ فعل يعتقد أمر المولى به ، وإلّا لم