تحريمه أو كراهته أو غيرهما من الأحكام قضى ذلك بعدم وجوب ذلك الفعل لكن لا مطلقا بل على سبيل الإطلاق ، فلا مانع حينئذ من كونه واجبا مشروطا بوجود تلك المقدّمة ، إذ لا مانع من حرمة مقدّمة الواجب المشروط وثبوت سائر الأحكام لها نظرا إلى ما تقرّر من عدم وجوبها ، وحينئذ فلو دلّ الدليل على وجوب ذلك الفعل في الجملة أمكن الجمع بينهما بحمله على الوجوب المشروط وتقييد إطلاق وجوبه بذلك.
وحينئذ فإن كانت تلك المقدّمة المحرّمة مثلا متقدّمة على الفعل وتصدّى المكلّف لفعلها فلا إشكال حينئذ في تعلّق الوجوب بذلك الفعل وصحّة الإتيان به ، لتعلّق الأمر به بعد الإتيان بمقدّمته المحرّمة ومقتضى الأمر الإجزاء والصحّة. وأمّا إن كانت مقارنة للفعل أو متأخّرة عنه فقد يتخيّل حينئذ عدم صحّة الفعل المذكور ، لكون المقدّمة المذكورة حينئذ من مقدّمات الوجوب فلا يتعلّق أمر بالفعل قبل حصولها فلا يعقل القول بصحّته.
ويمكن دفعه : بأنّ مقدّمة وجود الشيء لا يجب تقدّمها على حصول ذلك الشيء ، بل قد يقارنه وقد تتأخّر عنه ، ألا ترى أنّ الإجازة الحاصلة من المالك في البيع الفضولي شرط في حصول الانتقال حال العقد بناءا على المعروف من كون الإجازة كاشفة لا ناقلة ومع ذلك تتأخّر عنه.
فحينئذ نقول : إنّ مقدّمة الوجوب من مقدّمة الوجود بالنسبة إلى الوجوب ، فحصول الوجوب إذا كان متوقّفا على وجود المقدّمة المذكورة في الجملة فقد يكون متوقّفا على وجود ذلك الفعل أوّلا ، ليتفرّع عليه الوجوب المفروض ، وحينئذ فلا إشكال في عدم صحّة ذلك الفعل قبل حصول مقدّمته المفروضة وقد يكون متوقّفا على حصول ذلك الفعل في الجملة سواء كان متقدّما عليه أو مقارنا له أو متأخّرا عنه ، بل وقد يتوقّف على خصوص حصوله المتأخّر فيكون حصوله أخيرا كاشفا عن وجوب ذلك الفعل أوّلا.
وحينئذ فلا مانع من صحّة الفعل مع حرمة مقدّمته المذكورة وإن كانت