وغير المستحكمة ، وهي التي تكون بسبب غواش غريبة ، وجميعها يزول بعد الموت ، إمّا لعدم رسوخها ، وإمّا لكونها هيئات مستفادة من الأفعال والأمزجة ، فتزول بزوالها لكنّها تختلف في شدّة الرداءة وضعفها وفي سرعة الزوال وبطئه ، ويختلف التعذّب بها بعد الموت في الكمّ والكيف بحسب الاختلافين». (١) انتهى كلامه (ره).
والشاهد وإن كان في بعض ما ذكره ، كالنظريّة غير الراسخة ، إلّا أنّا نقلنا كلامه بتمامه لاشتماله على فوائد أخر وشواهد أخرى فيما نحن بصدد بيانه ، فتبصر.
وحيث عرفت أنّ ما ذكره الشيخ هاهنا إنّما هو قصور من حيث القوّة النظريّة بسبب طروء حالة عليها مع كون الغريزة تامّة سليمة في كسب الكمال ، وأنّ المستفاد منه الفرق بين الحالة الراسخة وغير الراسخة كما يظهر ذلك ممّا نقلنا من كلام المحقّق الطوسيّ أيضا ، ظهر لك أنّه لو كان القصور من حيث القوّة النظريّة ، لكن من جهة نقصان الغريزة من كسب الكمال بعد أن كانت الغريزة منذ أوّل الفطرة سليمة تامّة في الجملة ، بحيث اكتسبت الشوق إلى الكمال المعشوق لها في الجملة ، لكن لم تكتسبه لنقصانها ، فذلك النقصان أيضا إن استتبع هيئة راسخة كانت صورة للنفس باقية ببقائها مضادة لها منافية لحقيقتها ، يكون التعذّب بها أيضا دائما كما في صورة الجهل المركّب المضادّ لليقين الذي صار صورة للنفس غير مفارقة عنها ، وإن لم يكن كذلك فيمكن انقطاع ذلك التعذّب وانجباره ، بل ربّما لم يكن به تعذّب أيضا.
ثمّ إنّ قول الشيخ : «وأمّا أنّه كم ينبغي أن يحصل عند الإنسان من تصوّر المعقولات ، حتّى يجاوز به الحدّ الذي في مثله تقع هذه الشقاوة ، وفي تعدّيه وجوازه ترجى هذه السعادة ، فليس يمكنني أنصّ عليه الخ».
لمّا بيّن سابقا كيفيّة السعادة والشقاوة العقليّتين من جهة القوّة النظريّة ، وأنّ السعادة العقليّة تحصل بالشعور بحصول الكمال الخاصّ للنفس الإنسانيّة ، والشقاوة تحصل بالشعور بضدّه ، أراد أن يبيّن أنّ ذلك الكمال ما ذا؟ وأن أيّة مرتبة من الكمال العلميّ يكون
__________________
(١) شرح الإشارات ٣ / ٣٥١ ـ ٣٥٢.