في تفسير الرّجال مع كونه ممّا لا يقدح في أصل المقصود يمكن الجمع بأنّه يجوز أن يكون على الأعراف كلتا الطّائفتين جميعا ، أمّا الأنبياء والخلفاء فبأن يكونوا ـ مع كون منازلهم في الجنّة ، وفي أعلى علّيّين منها ـ على الأعراف مع المذنبين من أهل زمانهم في يوم الحساب ، والوقوف أو بعد ذلك أيضا في بعض الأحيان للحكمة التي تضمّنتها الآية. وأمّا الذين استوت حسناتهم وسيّئاتهم ، فبأن يكون منازلهم على الأعراف أو فيها ، ويمكثوا فيها إلى أن يشاء الله تعالى. وهذا الجمع هو الذي يدلّ عليه كلام ابن بابويه في «اعتقاداته».
قال : «اعتقادنا في الأعراف ، أنّه سور بين الجنّة والنار ، عليه رجال يعرفون كلّا بسيماهم ، والرّجال هم النبيّ والأوصياء عليهالسلام ، لا يدخل الجنّة إلّا من عرفهم وعرفوه ، ولا يدخل النّار إلّا من أنكرهم وأنكروه ، وعند الأعراف المرجون لأمر الله ، إمّا يعذبّهم أو يتوب عليهم» (١) انتهى. والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.
الكتاب والحساب والميزان والسؤال
ومنها الكتاب والحساب والميزان : قال تعالى في الكتاب : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً* اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (٢) ،
وقال تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً* وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) (٣).
وقال : (وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (٤).
__________________
(١) الاعتقادات للصدوق / ٨٧.
(٢) الإسراء (١٧) : ١٣ ـ ١٤.
(٣) الإسراء (١٧) : ٧١ و ٧٢.
(٤) الكهف (١٨) : ٤٩.