الشواهد على المسخ أنّ المسخ إنّما هو انتقال نفس من بدن أشرف إلى بدن أخسّ لا بالعكس كما في الصورتين ، وخصوصا الانتقال من بدن عنصريّ قابل للكون والفساد إلى بدن فلكيّ كوكبيّ نورانيّ غير قابل لهما على رأي الحكماء.
غايته أن يكون الانتقال من بدن إلى بدن مساو له في الشرف والخسّة مسخا أيضا ، وليس الأمر هنا كذلك ، وأمّا في غير سهيل والزهرة من الحيوانات فلأنّه لا يخلو عن أحد احتمالين :
الأوّل : أن يحمل الحديث على أنّ حدوث تلك الحيوانات بأنواعها وأشخاصها كان على النهج المذكور ، كأن كان حدوث نوع الفيل مثلا بأن كان أوّلا في الوجود رجل لوطيّ جبّار فمسخ إلى صورة الفيل ، فحدث الفيل بنوعه وشخصه. ثمّ استمرّ وجود نوعه في ضمن أشخاصه بالتوالد ، أو انعدم ذلك الفيل فخلق الله تعالى على صورته بعد ذلك فيلا آخر وبقي بنوعه وأشخاصه ، كما يمكن أن يحمل عليه بعض الأخبار المرويّة من أنّ المسوخ بعد مسخه كان يبقى أيّاما قلائل ثمّ انعدم ، فخلق الله تعالى على صورته وهيئته وشكله حيوانا آخر من نوعه.
فهذا الاحتمال على التقديرين وإن كان ظاهر لفظ الحديث إلّا أنّه خلاف الظاهر من معنى المسخ ، كما لا يخفى. وأيضا ينبغي على هذا أن يحمل ما ذكر في معنى التناسخ بهذا المعنى الثالث من أنّه انقلاب الباطن إلى صورة حيوان غلبت عليه صفاته ، ثمّ انقلاب الظاهر من صورته إلى صورة ما ينقلب إليه الباطن ، أعمّ من أن يكون هناك في الوجود حيوان كذلك انقلب المستنسخ إلى صورته ، أو لم يكن هناك في الوجود حيوان كذلك إلّا أن تقتضي صفات تلك النفس انقلابها إلى صورة حيوان كذلك ، فمسخت وانقلبت إلى صورة حيوان كذلك فحدث نوع ذلك الحيوان ، وهذا التعميم خلاف ظاهر هذا المعنى من التناسخ ، بل الظاهر خصوص الشقّ الأوّل من هذين الشقّين ، أي أن يكون هناك في الوجود حيوان آخر ثمّ حصل الانقلاب الباطنيّ فالظاهريّ.
الاحتمال الثاني : أن يحمل على أنّه وإن كان هناك في الوجود أنواع تلك الحيوانات وأشخاصها مستمرّة تلك الأنواع بوجود أشخاصها ، إلّا أنّه كان أيضا هناك مثلا رجل