ضَلُّوا) ؟ [وقوله : (فَما لَهُمْ لا
يُؤْمِنُونَ) ]؟ ـ (فَما لَهُمْ عَنِ
التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) ؟ ـ (عَفَا اللهُ عَنْكَ.
لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) ؟ ـ (لِمَ تُحَرِّمُ ما
أَحَلَّ اللهُ لَكَ) ؟ وهذا باب فيه إطناب. والقدر الذي ذكرناه : كافي.
الثاني : إنه تعالى قال : (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ
وَمُنْذِرِينَ. لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ : حُجَّةٌ بَعْدَ
الرُّسُلِ) وقال : (وَلَوْ أَنَّا
أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ. لَقالُوا : رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ
إِلَيْنا رَسُولاً. فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى) بين تعالى أنه ما أبقى لهم عذرا ، إلا وقد أزاله عنهم. ولو
كان علمه بكفرهم ، وخبره عن كفرهم : بيانا لهم عن الإيمان ، لكان ذلك من أعظم
الأعذار ، وأقوى الوجوه الدافعة للعقاب عنهم. ولما لم يكن كذلك ، علمنا : أن العلم
بعدم الإيمان ، لا يمنع من الإيمان.
الثالث : إنه تعالى حكى عن الكفار في «حم» السجدة أنهم قالوا : (قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا
تَدْعُونا إِلَيْهِ. وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) وإنما ذكر تعالى هذه الحكاية عنهم ، ذما لهم على هذا
القول. ولو كان العلم بعدم الإيمان ، مانعا من الإيمان. لكانوا صادقين في هذا
القول. فلم ذمهم عليه؟
الرابع : إنه تعالى إنما أنزل قوله : (إِنَ) الَّذِينَ كَفَرُوا. سَواءٌ عَلَيْهِمْ إلى قوله : (لا يُؤْمِنُونَ) : ذما لهم ، وزجرا لهم ، عن الكفر ، وتقبيحا لفعلهم. فلو
كانوا ممنوعين عن الإيمان ، غير قادرين عليه : ما استحقوا الذم البتة. بل كانوا
معذورين فيه. كما يكون الأعمى معذورا في أن لا يرى ، والزّمن في أن لا يمشى.
الخامس : القرآن إنما أنزل ليكون حجة لله ولرسوله على الكفار ، لا أن يكون حجة للكفار على
الله وعلى رسوله. ولو كان العلم والخبر مانعين عن
__________________