الإيمان ، لكان لهم أن يقولوا : لما اعترفت (١) بأن الله علم الكفر منا ، وأخبر عن حصول الكفر فينا ـ وهذا من أعظم الموانع لنا عن الإيمان ـ فلم يطلب المحال منا؟ ولم يأمرنا بالمحال؟ ومعلوم : أن هذا مما لا جواب لله و[لا (٢)] لرسوله عنه ، لو (٣) ثبت : أن العلم والخبر يمنع عن الإيمان.
السادس : إنه تعالى قال : (فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (٤) ولو أنه أمر بالإيمان ، مع حصول المانع منه : لما كان (فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) بل كان بئس المولى وبئس النصير. ومعلوم : أن ذلك : كفر.
فثبت بهذه الوجوه : أن علم الله بعدم الإيمان ، وخبره عن عدم الإيمان : لا يدل على كون ذلك الإيمان ممتنع الحصول.
وأما الجواب على سبيل التفصيل :
فاعلم : أن للمعتزلة فيه طريقين :
الأول : طريقة «أبي علي» و «أبي هاشم» و «القاضي عبد الجبار بن أحمد» وهي أن قالوا : إن قول القائل : لو وقع خلاف معلوم الله ، لانقلب علم الله جهلا. قالوا : خطأ من يقول : إنه ينقلب علمه جهلا. لأن هذا تعليق للمحال بالممكن. فإن انقلاب علم الله جهلا محال. ووقوع علم الله أنه لا يقع ممكن. فقولنا : لو وقع ما علم الله أنه لا يقع تعليق المحال بالممكن. فكان خطأ. وخطأ أيضا : قول من يقول : إنه لا ينقلب جهلا. ولكن يجب الإمساك عن القولين.
الثاني : طريقة «الكعبي» واختيار «أبي الحسين البصري» وهو أن العلم تبع للمعلوم. فإذا فرضنا أن الصادر من العبد هو الإيمان ، كان الحاصل في أزل الله تعالى هو العلم بوجود الإيمان. وإذا فرضنا أن الواقع منه هو عدم
__________________
(١) اعترافنا (م ، ل).
(٢) من (ط ، ل).
(٣) ولو (ط).
(٤) سورة الحج ، آية : ٧٨.