وأما الخبر : فما روى أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «الرضا بالكفر : كفر» فثبت : أنه لو كان الكفر بقضاء الله ، لكان الرضا به واجبا ، وثبت : أن الرضا به غير واجب ، فوجب أن لا يكون الكفر واقعا بقضاء الله ولا بخلقه. وهو المطلوب.
الحجة الثانية : قوله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله كره لكم ثلاث : قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال» ولما كانت هذه الأشياء الثلاثة مكروهة لله تعالى ، وجب أن لا تكون مرادة له. لأن الشيء الواحد بالاعتبار الواحد لا يكون مكروها ومرادا معا. وإذا لم يكن مرادا لله تعالى ، وجب أن لا يكون مخلوقا له ، لأن الخلق لا يحصل إلا بالإرادة. ويقرب منه الاستدلال بقوله صلىاللهعليهوسلم : «أبغض المباحات إلى الله الطلاق» دل النص على أن الطلاق مبغوض لله ، والمبغوض لا يكون مرادا وما لا يكون مرادا لله لا يكون مخلوقا له.
الحجة الثالثة : ما روى أبو هريرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي. ثم ليقل : «اللهم افتح لي أبواب رحمتك» وإذا خرج فليسلم ، وليقل : «اللهم أجرني من الشيطان» ولو كان فعل الشيطان قد حصل بإيجاد الله تعالى ، لوجب أن يقول : اللهم أجرني منك. وهكذا القول في سائر الأدعية. كقوله : «أعوذ بك من شر كل شيء ، أنت آخذ بناصيته» لأن كل الشرور من الله تعالى على قول المجبرة.
الحجة الرابعة : روى سعيد بن جبير عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن عبد الله بن قيس عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ما أحد أصبر على أذى سمعه ، من الله ، يجعلون له ندا ، ويجعلون له ولدا ، وهو يرزقهم ويعافيهم ويعطيهم» وجه الاستدلال به : إن المراد من هذا الصبر شدة كراهية الله تعالى لهذا الكلام. وذلك يدل على أنه تعالى يكرهه ، وإذا كان كذلك ، وجب أن لا يكون الله خالقا له ، لأن من لم يكن ملجأ للفعل ولا ساهيا ، فإنه إذا كان لا يريده لم يفعله.
الحجة الخامسة : قوله صلىاللهعليهوسلم : «اعملوا فكل ميسر لما خلق له» وجه