الرابع : إنه تعالى إذا وجب [عليه (١)] إيصال الثواب والعوض إلى العبد ، فإذا لم يفعل ذلك ، لزم إما الجهل أو الحاجة. وهما محالان. والمفضي إلى المحال : محال. وهذا يقتضي أنه يستحيل من الله [تعالى (٢)] عقلا أن لا يفعل ذلك الواجب. وإذا امتنع الترك ، وجب الفعل. فإن كان هذا الوجوب يمنع من المدح والذم ، وجب أن لا يستحق الله تعالى بذلك مدحا ، ولا بتركه ذما. وذلك باطل.
الخامس : إنا بينا : أن البديهة دلت على أن الفعل يتوقف على الدواعي. وبينا (٣) : أن عند حصول الداعية يجب الفعل. وعلى هذا التقدير فالجبر لازم ، ويلزمهم ما ألزموه علينا. وأيضا : فبتقدير أن نقول : فاعل الفعل لا يتوقف على الداعي ، كان معناه : أن القادر يصدر عنه أحد الفعلين من غير أن يميل طبع ذلك [الفاعل إلى ذلك (٤)] الواقع من غير أن يخص ذلك الفاعل ، ذلك الواقع بأمر البتة. وعلى هذا التقدير يكون حصول ذلك الفعل [حصولا (٥)] على الاتفاق من غير تخصيص ، ومن غير ترجيح. والاتفاقيات لا تكون في الوسع والقدرة. فحينئذ يكون التكليف به ، تكليفا بما لا يطاق. وأيضا : بتقدير أن يقول قائل : الفعل يتوقف على الداعي ، لكن عند حصول الداعي لا يجب. فإنه إذا لم يجب جاز تارة ، وأن لا يجوز (٦) أخرى. وحينئذ يكون اختصاص أحد الوقتين بالوقوع دون الوقت الثاني ، يكون اختصاصه (٧) به اتفاقيا ، لا لمرجح أصلا. وذلك يوجب الجبر ـ على ما قررناه ـ وحينئذ يلزمهم كل ما ألزموه علينا.
السادس : إن الأمر بتحصيل العلم وارد. كقوله تعالى : (فَاعْلَمْ : أَنَّهُ
__________________
(١) من (ط ، ل).
(٢) من (ل).
(٣) وهنا (م).
(٤) من (ط ، ل).
(٥) من (ط).
(٦) يوجد (م).
(٧) اختصاص (م).