كالظلم والعبث ، لجاز أن يخلقها ابتداء ، وحينئذ يلزم أن يكون ظالما عابثا سفيها. وذلك باطل بالعقل والسمع.
الحجة السابعة : إن من جملة أفعال العباد : الإشراك بالله ، ووصفه بالأضداد ، والصاحبة والأولاد ، وشتمه وسبه. فلو كان تعالى فاعلا لأفعال العباد ، لكان فاعلا لكل هذه الأمور ، وذلك يبطل حكمته. لأن الحكيم لا يشتم نفسه. وفي ذلك إلحاقه بالسفهاء.
الحجة الثامنة : لو جاز أن يخلق الزنا واللواطة ، لجاز أن يبعث رسولا هذا دينه. ولو جاز ذلك ، لجاز فيما سلف من الأنبياء من لم يبعث إلا للدعوة إلى السرقة ، والأفعال القبيحة ، ومدح الشيطان وعبادته ، والاستخفاف بالله وبرسوله وبالوالدين ، وذم المحسن ومدح المسيء.
الحجة التاسعة : لو كان تعالى يخلق الكفر في الكافر ، ثم يعذبه عليه. لكان ضرره على العبد أشد من ضرر الشيطان [لأنه (١)] لا يمكنه أن يلجئهم إلى القبح ، بل الغاية القصوى منه : أن يدعوهم إلى القبح. كما حكى الله تعالى ذلك عنه في قوله : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ. إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ) (٢) وأيضا : فدعاء الشيطان أيضا من فعل الله تعالى. وأما الله سبحانه ، فإنه يلجئهم إلى القبائح ويخلقها فيهم. ولو كان كذلك ، لكان يحسن من الكافر أن يمدح الشيطان ، وأن يذم الله سبحانه ـ تعالى الله علوا كبيرا ـ.
الحجة العاشرة : لو لم يكن العبد موجدا لأفعال نفسه ، لما استحق ثوابا وعقابا ، ولكان تعالى مبتدئا بالثواب والعقاب من غير حصول استحقاق لذلك. ولو جاز ذلك ، لجاز تعذيب الأنبياء وإثابة الفراعنة والأبالسة. ولو كان كذلك ، لكان أسفه السفهاء. وقد نزه نفسه عن أن يفعل ذلك فقال في كتابه : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ؟ ما لَكُمْ؟ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٣)؟.
الحجة الحادية عشر : لو خلق الكفر في الكافر ، لكان قد خلقه للعذاب
__________________
(١) زيادة.
(٢) سورة إبراهيم ، آية : ٢٢.
(٣) سورة القلم ، آية : ٣٥ ـ ٣٦.