الوجود (موجود) (١) آخر يساويه في الوجود بالذات ، وفي العلم بكل المعلومات ، وفي القدرة على كل الممكنات ، وفي الغني عن كل ما سواه. وأما إنه واحد في أفعاله فهو أنه ليس في الوجود موجود يكون مبدئا لجميع الممكنات إما بغير واسطة ، وإما بواسطة إلا هو.
الفرع الثاني : الألفاظ المشتقة من الواحد ، هي هذه : الأحد ، والوحيد ، والتوحيد. فقولنا : وحده : لا شريك له. أما الأحد ، فقد جاء في القرآن ، وهو قوله : (قُلْ : هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٢) والفرق بين الواحد والأحد من وجوه :
الأول : إن الواحد اسم لأول العدد يقال : واحد ، اثنان ، ثلاثة. ولا يقال : أحد ، اثنان ، ثلاثة.
والثاني : إن أحدا في النفي أعم من الواحد ، يقال : ما في الدار واحد بل اثنان. أما لو قالوا : ما في الدار أحد ، فإنه يقتضي عموم النفي.
الثالث : إن لفظ الواحد يصح جعله وصفا لأي شيء أريد ، فيصح أن يقال : رجل واحد ، وثوب واحد ، ولا يصح وصف شيء في جانب الإثبات بالأحد : إلا الله الأحد. فلا يجوز أن يقال رجل أحد ، ولا ثوب أحد ، فكأنه ـ سبحانه ـ قد استأثر بهذا النعت في جانب الثبوت. أما في جانب النفي فقد يذكر هذا في حق غير الله ، فيقال : ما رأيت أحدا ، فالأحد والواحد ، كالرحمن والرحيم. فالرحمن قد اختص به الله ـ سبحانه ـ ولا يشاركه فيه غيره ، وأما الرحيم فقد تحصل فيه المشاركة ، وكذلك الأحد ، قد اختص به الله ـ سبحانه ـ ولهذا السبب لم يذكر لام التعريف في أحد. فقال : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٣) لأنه صار نعتا لله على الخصوص ، فصار معرفة ، فاستغنى عن التعريف.
__________________
(١) من (س).
(٢) الإخلاص (١).
(٣) الإخلاص (١).