الفصل الثالث
في
تقرير طريقة اخرى سوى طريقة الاتقان
والاحكام تدل على كونه تعالى عالما بناء على كونه
تعالى فاعلا بالاختيار لا موجبا بالذّات
اعلم. أن هاهنا طريقا آخر ، أقوى من دليل الإحكام والإتقان وتقريره : أن نقول : قد عرفت أن العلم إما تصور وإما تصديق. فنقول : أما تصور الحقائق والماهيات فحاصل لله تعالى. والدليل عليه : هو أنه قد ثبت أنه قادر مختار ، والقادر المختار إنما يفعل بواسطة القصد إلى التكوين والتخليق ، والقصد إلى التكوين والتخليق مشروط بتصور تلك الحقائق ، فإن لم يكن متصورا لماهية من الماهيات امتنع منه القصد إلى تكوينها. وتخليقها. والعلم بذلك ضروري فيثبت أنه تعالى متصور لهذه الماهيات.
جئنا إلى التصديقات فنقول : إنها أيضا حاصلة (له تعالى) (١) والدليل عليه ، هو أن هذه الحقائق منها ما هي متلازمة ، ومنها ما هي متعاندة (ومنها ما هي لا متلازمة ولا متعاندة ، أما المتلازمات فهي على قسمين منها ما يكون لازما بغير واسطة) (٢) ومنها ما يكون لازما بوسائط. واللوازم التي تكون بوسائط ، هي أشياء متلاصقة ويكون لزوم كل واحد منها لملاصقه ، لزوما بغير واسطة ، واستلزم كل واحد منها بملاصقة (٣) المتصل به ، القريب منه إنما يكون لذاته ،
__________________
(١) من (س).
(٢) من (م ، ت).
(٣) بملازمة (م).