الفصل التاسع
في
تقسيم الدواعي
وهو من وجوه :
التقسيم الأول : إن الدواعي التي تقع في القلوب على قسمين : منها ما يحصل في القلب بإيقاع العبد ، ومنها : ما يحصل فيه ابتداء بتخليق الله تعالى. والدليل على صحة القول بالقسم الأول : إنا قد نقدر على تغيير الدواعي والبواعث ، فقد يكون الواحد منا راغبا في شيء من الأشياء ، وفي عمل من الأعمال ، ثم إنه يسعى ويجتهد ويزيل عن قلبه تلك الرغبة ، وذلك الميل. وهذا أمر وجداني يجده (١) كل أحد من نفسه. وأما الدليل على صحة القول بالقسم الثاني. فهو إن قدرتنا على تغيير الداعية الحاصلة في القلب ، لا يمكن أن تسبق داعية أخرى ، فلو كانت تلك الداعية أيضا منا ، افتقرنا في تغيير تلك الداعية إلى داعية أخرى. ولزم التسلسل وهو محال. فيثبت : أن الأحوال الحادثة في القلوب ترتقي إلى داعية (ضرورية حاصلة بتخليق الله تعالى ويتفرع عليها داعية ثانية ، ويتفرع على تلك الداعية الثانية) (٢) (دواعي) (٣) بالغة ما بلغت ، ويكون تعلق كل داعية بما قبلها تعلقا واقعا على سبيل الوجوب واللزوم وهذه كلمات (٤) من وفقه الله تعالى للتأمل فيها ، وأزال عن قلبه غشاوة الشبه ،
__________________
(١) يجده (س).
(٢) من (م).
(٣) من (س).
(٤) وهذه كلمات من (س).