الجوهر الفرد بالصغر والحقارة ، إنما كان لهذا المعنى (ثم هذا المعنى) (١) ، ممتنع الثبوت في حق الله تعالى ، لا جرم امتنع وصفه بالصغر والقلة.
واعلم : أن نفاة الصفات زعموا أن من أثبت الصفات لله ـ تعالى ـ فإنه لا يمكنه أن يقول بوحدانية الله تعالى ، وذلك لأنا إذا حكمنا بقيام الصفات الكثيرة بذات الله ـ تعالى ـ كان مجموع (الذات) (٢) والصفات أشياء كثيرة لا شيئا واحدا ، ويصح أيضا فيه معنى الوضع والرفع مثل أن يقال : قادر وليس بعالم إلى أن يثبت بالدليل بطلان ذلك.
وزعم بعضهم : أن من أثبت لله تعالى صفات ثمانية. فقد قال بتاسع تسعة ثم إن الله تعالى قال : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا : إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) (٣) ولما كان القائل بالثلاثة كافرا ، كان القائل بالتسعة ـ وهو قائل بالثلاثة ثلاث مرات ـ أدخل في الكفر ، وأما الواحد بالتفسير الثاني ، فهو أنه ليس في الوجود موجود يساويه ، في وجوب الوجود بالذات ، ولا موجود يساويه في العلم بجميع المعلومات ، التي لا نهاية لها ، ولا موجود يساويه في القدرة على جميع الممكنات.
وزعم نقاة الصفات : أنه تعالى واحد بمعنى أنه ليس في الوجود موجود يساويه في القدم والأزلية ، بخلاف مثبتي الصفات فإنهم أثبتوا موجودات قديمة أزلية ويتفرع على ما ذكرنا فروع :
الفرع الأول : اعلم أنه تعالى واحد في ذاته ، وواحد في صفاته ، وواحد في أفعاله ، أما أنه واحد في ذاته فلأن ذاته منزهة عن جهات التركيبات ، لا من التركيبات المقدارية الحسية كما في الجسم ، ولا من التركيبات العقلية كما في النوع المركب من الجنس والفصل ، وأما أنه واحد في صفاته فهو أنه ليس في
__________________
(١) من (س).
(٢) من (س).
(٣) المائدة (٧٣) وهذه الآية تكفر نصارى الكاثوليك القائلين بثلاثة آلهة. كل إله مستقل بذاته وبعمله عن غيره من زملائه.