الفصل السابع
في
بيان كونه تعالى عالما بالمعدومات
اعلم (١) أن القائلين بكونه تعالى عالما بالجزئيات ، اختلفوا. فمنهم من قال : إنه تعالى لا يعلم الجزئيات إلا عند دخولها في الوجود. أما قبل وجودها فهو غير عالم بها ، وإنما يكون عالما بالماهيات فقط. وهذا قول جهم وهشام. والأكثرون اتفقوا على أنه تعالى عالم بهذه الجزئيات ، قبل دخولها في الوجود. واعلم أن هذا البحث مبني على أن المعدوم يصح أن يكون معلوما. فنقول : الدليل عليه من وجوه :
الأول : إنا نعلم أن الشمس غدا تطلع من مشرقها. وطلوعها غدا من مشرقها معدوم في الحال.
فهذا يدل على أنه يمكننا أن نعلم المعدومات.
الثاني : إنا قد دللنا على أن صدور الفعل المحكم المتقن عن الفاعل مشروط بكونه عالما بذلك الفعل. والشرط متقدم على المشروط فيكون الفاعل عالما بأفعاله. وعلمه متقدم على (٢) كونه موجدا لها ، أي هو متقدم على وجودها ، والسابق على الشيء يجب كونه سابقا على الشيء. فهذا
__________________
(١) الفصل السادس في (س).
(٢) زيادة.