الإمكان حال نسبية ، وثبت في بديهة العقل : أن الشيء الواحد] (١) من حيث إنه هو فقط ، فإنه لا يعرض له شيء من الأحوال النسبية الإضافية ، فيثبت : أن الإمكان يمتنع كونه عارضا للحقيقة من حيث هي هي ، وإذا كان المقتضى للحاجة ليس إلا الإمكان ، وثبت أن الماهية من حيث هي هي يمتنع أن يعرض لها الإمكان ثبت أن الماهية من حيث هي هي يمتنع كونها محتاجة الى المؤثر.
وأما القسم الثاني : وهو أن يقال المحتاج الى المؤثر والجاعل [يمتنع أن يكون] (٢) هو الوجود. فهذا أيضا باطل لأن الوجود من حيث إنه وجود : ماهية من الماهيات ، وحقيقة من الحقائق ، والدليلان المذكوران في امتناع كون الماهية مجعولة يجريان بعينهما في امتناع كون الوجود مجعولا.
وأما القسم الثالث : وهو أن يقال المحتاج إلى الفاعل ، والجاعل والمؤثر هو موصوفية الماهية بالوجود فنقول : هذا أيضا باطل من وجهين :
الأول : إن موصوفية الماهية بالوجود ليس أمرا زائد على الماهية وعلى الوجود ، وإذا كان كذلك امتنع الحكم عليها بكونها مجعولة. بيان الأول : إنه لو كانت موصوفية الماهية بالوجود أمرا [زائدا] (٣) مغايرا لهما ، لكانت موصوفية الماهية بتلك الموصوفية مغايرة ، ولزم التسلسل.
[وبيان الثاني] (٤) : إن هذه الموصوفية لما لم تكن أمرا ثبوتيا مغايرا ، فإنه يمتنع القول بكونها أثرا للفاعل والجاعل ، وذلك باطل ، (٥) لأن ما لا ثبوت له في نفسه ، كيف يعقل جعله أثرا للمؤثر والفاعل؟
الوجه الثاني : في إبطال قوله : (٦) «الواقع بالفاعل هو موصوفية الماهية بالوجود» أن نقول : هذه الموصوفية إما أن تكون أمرا وجوديا ، وإما أن لا تكون ، فإن كان أمرا وجوديا فحينئذ يكون له ماهية ، ويكون له وجود ، وحينئذ يعود التقسيم المذكور فيه من أن الواقع بالفاعل ، إما ماهيته أو وجوده ،
__________________
(١) من (ز).
(٢) زيادة.
(٣) من (س).
(٤) من (ز).
(٥) ظاهر (س).
(٦) قولنا (ز).