ممكن لذاته. وكل ممكن لذاته فلا بد له من سبب ، وذلك السبب إما تلك الماهية أو غيرها. ولا جائز أن يكون سبب ذلك الوجود هو تلك الماهية ، لأن كون تلك الماهية مقتضية لذلك الوجود ، إما أن يكون مشروطا بكونها موجودة [أو لا يكون] (١) مشروطا بهذا الشرط. ولا جائز أن يكون اقتضاء تلك الماهية لذلك الوجود ، مشروطا بكونها موجودة ، لأن الوجود الذي هو شرط الاقتضاء ، إن كان هو غير (٢) الوجود الذي هو الأثر (٣) ، لزم كون الشيء الواحد شرطا لنفسه ، وهو محال ، وإن كان غيره لزم أن يكون الشيء الواحد موجودا مرتين ، وهو محال. ولأن الكلام في الوجود الثاني كالكلام في الأول ، يلزم إما التسلسل ، وإما الدور وهما محالان. هذا كله إذا قلنا : إن اقتضاء تلك الماهية لذلك الوجود ، مشروط بكون تلك الماهية موجودة. أما إن قلنا : إن هذا الشرط غير معتبر ، فحينئذ يكون هذا قولا بأن ما ليس بموجود ، يكون مقتضيا للوجود ، وذلك محال في بديهة العقل ، لأن الشيء ما لم يكن موجودا في نفسه ، يمتنع كونه علة في وجود غيره. وهذا كله إذا قلنا : العلة المقتضية لذلك الوجود هي تلك الماهية. أما إذا قلنا : العلة المقتضية لذلك [الوجود] (٤) شيء آخر سوى تلك الماهية ، فحينئذ يكون وجود واجب الوجود لذاته ، مستفادا من سبب منفصل ، فيكون واجب الوجود لذاته [واجب الوجود بغيره ، وذلك محال. فثبت أن القول بأن وجود واجب الوجود لذاته] (٥) عارض لماهيته : يفضي إلى هذه المحالات ، فوجب أن يكون القول به محالا. فثبت أنه لا حقيقة له إلا الوجود المجرد عن جميع الماهيات. وهذا هو تقرير هذه الحجة على أقوى الوجوه.
والجواب عن هذه الشبهة من وجوه :
الأول : لم لا يجوز أن يقال : إن ذلك الوجود غني عن تلك الماهية؟
__________________
(١) من (ز).
(٢) عين (س).
(٣) الله (س).
(٤) من (ز).
(٥) من (ز).