ويكون الثاني مستلزما [لثالث ، ويكون الثالث مستلزما] (١) لرابع ، وهكذا إلى غير النهاية. إلا أن (٢) هذا المعنى إنما يتقرر عند وجود أمور متلاصقة ، يكون كل واحد منها متصلا بالآخر إلى غير النهاية ، إلا أنا إذا قلنا : إن مؤثرية الشيء في الشيء صفة زائدة عليهما ، فلا يمكننا أن نشير إلى الشيئين يتصل أحدهما بالآخر إلا ويكون كون أحدهما مستلزما للآخر [أمرا] ثالثا متوسطا بينهما. وهذا يقتضي أن لا يتصل شيء بشيء آخر البتة ، وإذا بطل [هذا ، بطل] (٣) القول بالتسلسل ، فثبت : أن القول بثبوت التسلسل في هذا المقام يفضى ثبوته إلى عدمه ، فوجب أن يكون القول بثبوته باطلا. فقد ظهر من جملة ما قررنا : أنه لو أثر شيء في شيء لكان تأثير ذلك المؤثر في الأثر إما أن يكون عين ذات المؤثر أو ذات الأثر ، وأما أن يكون مفهوما ثالثا لهما ، وثبت أن كلا القسمين باطل فاسد ، فوجب أن يكون القول بثبوت المؤثر والتأثير باطلا.
فإن قال قائل : إن هذا التقسيم الذي ذكرتموه قائم في مواضع قد علم صحتها. ووجودها بالضرورة ، فوجب أن يكون هذا التقسيم فاسدا ، وبيانه من وجهين :
الأول : [أن يقال] (٤) لو حصلت هذه الدار ، وهذا الجدار في هذه الساعة ، لكان حصولهما في هذه الساعة ، إما أن يكون نفس هذا الشيء ، أو نفس هذه الساعة ، أو يكون مفهوما ثالثا مغايرا ، والأقسام الثلاثة باطلة ، فكان القول [بحصول هذا الشيء في هذه الساعة باطلا ، وإنما قلنا : إنه يمتنع أن يكون] (٥) حصول هذه الدار وهذا الجدار في هذه الساعة ، غير وجود هذه
__________________
(١) من (ز).
(٢) لأن هذا (س).
(٣) من (ز).
(٤) من (س).
(٥) من (ز).