بل إنّه لم يتعرّض إلى عمدة الأدلّة الموجودة في الصحاح والمسانيد المعتبرة ، وإنما اقتصر على أحاديث الطبري ، وحتّى أحاديث الطبري لم يوردها كلّها ، وأغفل موارد الاستدلال منها ... ثمّ جعل يناقش في أسانيد البعض الذي ذكره منها ... وقد كان أهمّ الأسباب في ردّها كون الراوي شيعيّاً ، مع أنّ كبار الأئمة كالبخاري وغيره يحتجّون برواية من جرحه الدكتور بالتشيّع ، بل إنّ بعضهم مثل «خالد بن مخلَّد» يعدّ من كبار مشايخ البخاري ...
على أنّ أعلام الحفّاظ كالحافظ الذهبي والحافظ ابن حجر العسقلاني يصرّحون بأنّ التشيّع لا يضرّ ...
فما معنى «التشيع» عندهم؟
قال الحافظ ابن حجر : «والتشيّع محبّة علي وتقديمه على الصحابة ، فمن قدّمه على أبي بكر وعمر فهو غال في تشيّعه ويطلق عليه رافضي وإلّا فشيعي ، فإن انضاف إلى ذلك السبُّ أو التصريح بالبغض فغال في الرفض ، وإنْ اعتقد الرجعة إلى الدنيا فأشدّ في الغلو» (١).
والقائلون بتقديم أمير المؤمنين علي على أبي بكر وعمر ـ فضلاً عن عثمان ـ في الصحابة والتابعين كثيرون.
فمن الصحابة من ذكرهم الحافظ ابن عبد البر القرطبي في (الاستيعاب) حيث قال :
«وروي عن سلمان ، وأبي ذر ، والمقداد ، وخباب ، وجابر ، وأبي سعيد الخدري ، وزيد بن الأرقم : أنّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه أوّل من أسلم.
__________________
(١) مقدمة فتح الباري : ٤٦٠.