المسجد الذي أسّس على التقوى من أول يوم فقال : «هو مسجدي هذا» فهذا من هذا القبيل ، فإن الآية إنما نزلت في مسجد قباء كما ورد في الأحاديث الأخر ، ولكن إذا كان ذاك أسس على التقوى من أول يوم فمسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أولى بتسميته بذلك والله أعلم.
وقد قال ابن أبي حاتم : حدّثنا أبي ، حدّثنا أبو الوليد ، حدّثنا أبو عوانة ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن ابن جميلة ، قال : إن الحسن بن علي رضي الله عنهما استخلف حين قتل علي رضي الله عنهما ، فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر ، وزعم حصين أنه بلغه أن الذي طعنه رجل من بني أسد ، وحسن رضي الله عنه ساجد ، قال : فيزعمون أن الطعنة وقعت في وركه فمرض منها أشهراً ثمّ برئ ، فقعد على المنبر فقال : يا أهل العراق ، اتقوا الله فينا ، فإنّا أمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل البيت الذي قال الله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : فما زال يقولها حتى ما بقي أحد من أهل المسجد إلّا وهو ناح بكّاء.
وقال السدي عن أبي الديلم قال : قال علي بن الحسين رضي الله عنهما لرجل من أهل الشام : أما قرأت في الأحزاب (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال : نعم ، ولأنتم هم؟! قال : نعم» (١).
وفي الدر المنثور :
«أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه : عن أُمّ سلمة رضي الله عنها ـ زوج النبي صلىاللهعليهوسلم ـ ان رسول الله
__________________
(١) تفسير القرآن العظيم ٣ / ٤١٣ ـ ٤١٥.