[يترتّبان] (١) على أنّ الجسم هل يفنى ، أو يتفرّق ، وكلا الأمرين جائز عقلاً ، وفي الواقع منه قولان للمتكلّمين ، ولم يرد في الشرع ما يمكن التمسّك به في ذلك إلّا قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كلّ ابن آدم يبلى إلّا عجب الذنب».
فحيث يكون الجسم أو بعضه باقياً ، فلا امتناع من قيام الحياة به ، وحيث يعدم بالكلّية يتعيّن القول بالروح فقط.
على أنّها ـ أيضاً ـ قد تعدم عند فناء العالم ، ليكون المعاد وارداً عليها وعلى الجسم معاً.
وقد جاءت أحاديث تدلّ على أنّ بعض الموتى ، يقيهم الله تعالى فتنة القبر ، منهم الشهيد ، ومن مات يوم الجمعة ، أو ليلة الجمعة ، وآخرون وردت بهم أحاديث ، وهؤلاء إن خصّوا من المساءلة فالنعيم والحياة شاملان لهم.
وقد عرف بهذا : أنّ حياة جميع الموتى ـ بأرواحهم وأجسامهم في قبورهم ـ لا شكّ فيها ، واستمرار العقاب أو النعيم بعد المساءلة لا شك فيه أيضاً ؛ لما سبق ، وكون ذلك فيما بعد وقت المساءلة للروح فقط ، أولها مع الجسم؟ ممّا يتوقف على السمع.
وقد ذكر سعيد بن السكن في سننه ، عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «الميّت إذا وضع في قبره إنّه ليسمع خفق نعالهم حين يولّون عنه ، فإن كان مؤمناً كانت الصلاة عند رأسه ...» وذكر حديثاً طويلاً ، إلى أن قال : «فيفسح له في قبره سبعون ذراعاً ، وينوّر له فيه ، ويعاد الجسد بما بدىء منه ، وتجعل النسمة في النسم الطيّبة ، فهو يطير ويعلق في شجر الجنّة».
وفي «المستدرك على الصحيحين» للحاكم في فضائل عائشة رضي الله عنها
__________________
(١) في الأصل : يلتفت.