القديمة المعتمد عليها.
وسياقة حكاية أشهب عن مالك ترشد إلى المراد ؛ وأنّ مالكاً رحمهالله إنّما كره اللفظ ، كما كرهه في طواف الوداع.
أفَترى يتوهّم مسلم أو عاقل أنّ مالكاً كره طواف الوداع؟!
وانظر في آخر كلام مالك ، كيف اقتضى أنّه يقف ويدعو عند قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كما يقف ويدعو عند الكعبة في طواف الوداع.
فأيّ دليل أبين من هذا في أنّ إتيان قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والوقوف والدعاء عنده من الامور المعلومة ، التي لم تزل قبل مالك وبعده؟!
ولو عرف مالك رحمهالله أنّ أحداً يتوهّم عليه ذلك من هذا اللفظ ، لما نطق به! ولا لوم على مالك ، فإنّ لفظه لا إبهام فيه ، وإنّما يتلبس على جاهل أو متجاهل! (١).
[عدم كراهة ذلك هو الحق]
والمختار عندنا أنّه لا يكره إطلاق هذا اللفظ أيضاً ؛ لقوله : «من زار قبري» وقد تقدّم الاعتذار عن مالك فيه.
ولا يرد عليه قوله : «زوروا القبور» لأنّ زيارة قبور غير الأنبياء لينفعهم ويصلهم بها وبالدعاء والاستغفار.
ولهذا قال : قال أبو محمّد عبد الله بن عبد الرحمن المالكيّ المعروف
__________________
(١) ليلاحظ القارئ الكريم كيف تصبح كلمة مالك وحبّه وكراهته محطّاً لاهتمام هؤلاء الناس وكشف مراده ، ويحتجّ بها السلفية كانّه وحيٌ منزل ، وتهاجم الأكداس من الأحاديث والآثار المرويّة في الكتب والمذكورة في الأحكام والمؤلَّفات ، التي يعتمدها المؤلِّفون والرواة وكلّها تنادي بصراحة «زيارة القبر» واستحبابها وكونها المقصود للزائر ، فضلاً عن إطلاق لفظ الزيارة؟!!؟ مع عمل الأمّة سلفاً وخلفاً على القيام بها؟!