وإمّا بعض البشر ، ويحتمل أن يكون من هذا القسم قولُ عائشة لفاطمة : أسألك بما لي عليك من الحقّ.
وتارة : يكون المسئول أعلى من المسئول به ، كما في سؤال الله تعالى بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّه لا شكّ أنّ للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قدراً عنده ، ومن أنكر ذلك فقد كفر.
فمتى قال : «أسألك بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم» فلا شكّ في جوازه.
وكذا إذا قال : «بحقّ محمّد».
والمراد بالحقّ الرتبة والمنزلة ، والحقّ الذي جعله الله على الخلق ، أو الحقّ الذي جعله الله بفضله له عليه ، كما في الحديث الصحيح قال : فما حقّ العباد على الله؟
وليس المراد بالحقّ الواجب ، فإنّه لا يجب على الله شيء ، وعلى هذا المعنى يحمل ما ورد عن بعض الفقهاء في الامتناع من إطلاق هذه اللفظة.
[حديث الأعمى المتوسّل بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم]
الحالة الثانية : التوسّل به بذلك النوع بعد خلقه صلىاللهعليهوآلهوسلم في مدّة حياته :
فمن ذلك ما رواه أبو عيسى الترمذيّ في جامعه (١) في كتاب الدعوات ، قال : حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا شعبة ، عن أبي جعفر ، عن عمارة بن خزيمة ابن ثابت ، عن عثمان بن حنيف : أنّ رجلاً ضرير البصر أتى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : ادع الله أن يعافيني.
__________________
(١) الجامع الصحيح (سنن الترمذي) كتاب الدعوات ح (٣٥٧٨) وسنن ابن ماجة (١ / ٤٤١) رقم (١٣٨٥) والطبراني في المعجم الكبير (٩ / ١٩) ، ومستدرك الحاكم (١ / ٣١٣ و ٥١٩) وصححه ووافقه الذهبي. واسد الغابة (٣ / ٥٥٧) ، ودلائل النبوّة للبيهقي (٦ / ١٦٦) ومن دعواته الكبير.
وللأستاذ العلّامة محمود السعيد : بحث قيّم حول أسانيد الحديث ، وفيه ردّ قويّ على الألباني المتمسلف المبتدع ، الذي ضعف الحديث ، فراجع رفع المنارة (ص ١٢٢ ـ ١٤٦).