والثاني : أن يكون
مستغاثاً به ، والباء للاستعانة.
فقد ظهر جواز
إطلاق «الاستغاثة» و «التوسّل» جميعاً ، وهذا أمر لا يشكّ فيه ؛ فإنّ «الاستغاثة»
في اللغة طلب الغوث ، وهذا جائز لغة وشرعاً من كلّ من يقدر عليه بأيّ لفظ عبّر عنه
، كما قالت امّ إسماعيل : أغث إن كان عندك غواث.
وقد روّينا في «المعجم
الكبير» للطبرانيّ حديثاً ظاهره قد يقدح في هذا :
قال الطبرانيّ :
حدثنا أحمد بن حمّاد بن زغبة المصريّ ، حدثنا سعيد بن عفير ، حدثنا ابن لهيعة ، عن
الحارث بن يزيد ، عن عليّ بن رباح ، عن عبادة قال : قال أبو بكر رضى الله عنه : قوموا
نستغيث برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من هذا المنافق.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّه لا يستغاث بي ، إنّما يستغاث بالله عزوجل».
وهذا الحديث في
إسناده عبد الله بن لهيعة ، وفيه كلام مشهور ، فإن صحّ الحديث فيحتمل معاني :
أحدها : أنّ
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قد أجرى على المنافقين أحكام المسلمين بأمر الله تعالى
، فلعلّ أبا بكر ومن معه استغاثوا بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ليقتله ، فأجاب بذلك ؛ بمعنى أنّ هذا من الأحكام الشرعيّة
التي لم ينزل الوحي بها ، وأمرها إلى الله تعالى وحده ، والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أعرف الخلق بالله تعالى ، فلم يكن يسأل ربّه تغيير حكم من
الأحكام الشرعيّة ، ولا يفعل فيها إلّا ما يؤمر به ، فيكون قوله : «لا يستغاث بي»
عامّاً مخصوصاً ؛ أي لا يستغاث بي في هذا الأمر ؛ لأنّه ممّا يستأثر الله تعالى
به.
ولا شكّ أنّ من
أدب السؤال أن يكون المسئول ممكناً ، فكما أنّا لا نسأل الله تعالى إلّا ما هو في
ممكن القدرة الإلهيّة ، كذلك لا نسأل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا ما يمكن أن
__________________