وروى البيهقي في دلائله (١) عن أبي وجزة يزيد بن عبد (٢) السلميّ (٣) قال : لمّا قفل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من غزوة تبوك أتاه وفد بني فزارة ... إلى أن قال : فقالوا : يا رسول الله ، أسنتت بلادنا ، وأجدبت جنّاتنا ، وعريت عيالنا ، وهلكت مواشينا ، فادع ربّك أن يغيثنا ، واشفع لنا إلى ربّك ، ويشفع ربّك إليك.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «سبحان الله ، ويلك ، إن أنا شفعت إلى ربّي فمن ذا الذي يشفع ربّنا إليه؟! الله لا إله إلّا هو العظيم ، وسع كرسيّه السموات والأرض ، وهو يَئِطُّ من عظمته وجلاله ...» وذكر بقيّة الحديث.
إلى أن قال : فقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فصعد المنبر ، وفيه : كان ممّا حفظ من دعائه : «اللهمّ اسق بلدك وبهيمتك ، وانشر رحمتك ، وأحي بلدك الميّت ...» وذكر دعاء وحديثاً طويلاً.
وفي «سنن أبي داود» (٤) في كتاب السنّة عن جبير بن مطعم قال : أتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أعرابيّ فقال : يا رسول الله ، جهدت الأنفس ، وضاعت العيال ، ونهكت الأموال ، وهلكت الأنعام ، فاستسق الله لنا ؛ فإنّا نستشفع بك على الله ، ونستشفع بالله عليك.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ويحك ، أتدري ما تقول؟! إنّه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه ؛ شأن الله أعظم من ذلك ...» وذكر حديث الأطيط.
وفي إسناده محمّد بن إسحاق وعنعنته ، فإن ثبت فهو موافق لمقصودنا ، فإنّه لم ينكر الاستشفاع به ، وإنّما أنكر الاستشفاع بالله ، ولعلّ سبب ذلك أنّ شأن الشافع
__________________
(١) دلائل النبوّة للبيهقي (٦ / ١٤٣) باب استسقاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وفيه : السلمي بدل (السعدي).
(٢) في (ه) : عبيد.
(٣) في (ه) : السعديّ.
(٤) سنن أبي داود (٤ / ٢٣٢) كتاب السنّة ، باب الجهميّة ح ٤٧٢٦ وهو حديث الأطيط!