وكان كريم الدين
الكبير والجاي الدوادار وجنكلي بن البابا والجاولي وغيرهم من أكابر الدولة
الناصرية يعظّمونه ويقضون بشفاعته الأشغال.
ولمّا توفّي
القاضي جلال الدين القزويني بدمشق ، طلبه الناصر في جماعة ليختار منهم من يقرّره
مكانه ، فوقع الاختيار على الشيخ تقيّ الدين ، فوليها ـ على ما قرأتُ بخطه ـ في
تاسع عشر جُمادى الآخِرة سنة ٧٣٩ ، وتوجّه إليها مع نائبها تنكز ، فباشر القضاء
بهمّة وصرامة وعفّة وديانة.
واضيفت إليه
الخطابة بالجامع الاموي فباشرها مدّة في سنة ٧٤٢ ، ثمّ اعيدت لابن الجلال
القزويني.
وولي التدريس بدار
الحديث الأشرفية ، بعد وفاة المِزي ، وتدريس الشامية البرّانية بعد موت ابن النقيب
في أوائل سنة ٤٦ ، وكان طلب في جُمادى الاولى إلى القاهرة بالبريد ليقرر في قضائها
فتوجّه إليها وأقام قليلاً ولم يتم الأمر واعيد إلى وظائفه بدمشق ، ووقع الطاعون العام
في سنة ٧٤٩ فما حفظ عنه في التركات ولا في الوظائف ما يُعاب عليه.
وكان متقشفاً في
اموره متقلّلاً في الملابس ، حتى كانت ثيابه في غير الموكب تقوّم بدون الثلاثين
درهماً وكان لا يستكثر على أحد شيئاً حتى أنه لما مات وجدوا عليه اثنين وثلاثين
ألف درهم ديناً ، فالتزم ولداه تاج الدين وبهاء الدين بوفائها.
وكان لا يقع له
مسألة مستغربة أو مشكلة إلّا وجعل فيها تصنيفاً يجمع فيه شتاتها طال أو قصر ، وذلك
يبين في تصانيفه.
وقد جمع ولده
فتاويه ورتّبها في أربع مجلدات.
قال الصفدي : لم
يرد أحد من نواب الشام ولا من غيرهم تعرض له فأفلح ، بل يقع له إمّا عزل وإما موت
، جرّبنا هذا وشاع وذاع حتى قلت له يوماً في قضية : يا سيدي دع أمر هذه القرية
فإنك قد أتلفت فيها عدداً وملك الأمراء وغيره في ناحية