طبت وطاب ممشاك ، وتبوّأت من الجنّة منزلاً» رواه الترمذيّ وابن ماجة (١).
وقال الترمذيّ : حسن غريب.
فهذه الأحاديث كلّها تدلّ على أنّ وسائل القربة قربة ، وكيف يتأتّى نزاع في ذلك والشريعة كلّها طافحة به؟ والقرآن ناطق به؟! قال تعالى :
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ* وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢).
فهذه الامور كلّها إنّما كتبت لهم وكتب لهم بها أجر ؛ لأنّها وسيلة إلى الجهاد في سبيل الله ، بل الجهاد نفسه إنّما شُرّف لكونه سبباً لإعلاء كلمة الله.
وكذلك جميع ما طلبه الشرع ممّا هو معقول المعنى ، فهو وسيلة لذلك المعنى المعقول منه ، وبسببه طلب.
وقد نقل الاصوليّون الإجماع على أنّ من مشى من مكان بعيد حتّى حجّ ، كان أفضل ممّن حجّ من مكّة.
وفي الحديث عن الله تعالى : «بعيني ما يتحمّل المتحمّلون من أجلي».
ولا شك أنّ المتوسّل إلى قربة بمباح فيه مشقّة ـ كالسفر وغيره ـ متحمّل لتلك
__________________
(١) سنن الترمذي (٣ / ٢٤٦) ح ٢٠٧٦ باب (٦٣) ما جاء في زيارة الإخوان.
ونسبه في كنز العمال (٩ / ٩٤) رقم ٢٥١١٣٤ إلى الترمذي وقال المعلّق : أخرجه في كتاب البرّ والصلة ، باب زيارة الاخوان (ح ٢٠٠٨).
سنن ابن ماجة (١ / ٤٦٤) ح ١٤٤٣ ب ٢ كتاب الجنائز.
ورواه أحمد في مسنده (٢ / ٣٤٤ و ٣٥٤).
(٢) سورة التوبة : الآية ١٢٠ ـ ١٢١.