وورد هذا عن غير عمر بن عبد العزيز أيضاً : قال أبو الليث السمرقنديّ الحنفيّ في «الفتاوى» في باب الحجّ : قال أبو القاسم : لمّا أردت الخروج إلى مكّة قال القاسم بن غسّان : إنّ لي إليك حاجة ، إذا أتيت قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فأقرئه منّي السلام.
فلمّا وضعت رجلي في مسجد المدينة ذكرت.
قال الفقيه : فيه دليل أنّ من لم يقدر على الخروج ، فأمر غيره ليسلّم عنه ، فإنّه ينال فضيلة السلام إن شاء الله تعالى ، انتهى.
وفي «فتوح الشام» (١) : أنّه لمّا كان أبو عبيدة منازلاً بيت المقدس ، أرسل كتاباً إلى عمر مع ميسرة بن مسروق رضى الله عنه يستدعيه الحضور ، فلمّا قدم ميسرة مدينة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، دخلها ليلاً ، ودخل المسجد ، وسلّم على قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى قبر أبي بكر رضى الله عنه.
وفيه أيضاً : أنّ عمر لمّا صالح أهل بيت المقدس ، وقدم عليه كعب الأحبار وأسلم ، وفرح عمر بإسلامه ، قال عمر رضى الله عنه له : هل لك أن تسير معي إلى المدينة وتزور قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وتمتع بزيارته؟
فقال لعمر : يا أمير المؤمنين ، أنا أفعل ذلك.
ولمّا قدم عمر المدينة أوّل ما بدأ بالمسجد ، وسلّم على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقد ذكر المؤرّخون والمحدّثون ـ منهم أبو عمر بن عبد البرّ في «الاستيعاب» (٢) وأحمد بن يحيى البلاذريّ في «تأريخ الأشراف» (٣) وابن عبد ربّه في «العقد» (٤) ـ أنّ زياد بن أبيه أراد الحجّ ، فأتاه أبو بكرة رضى الله عنه وهو لا يكلّمه ، فأخذ ابنه فأجلسه في
__________________
(١) فتوح الشام (١ / ١٤٨) ذكر فتح بيت المقدس.
(٢) الاستيعاب (٢ / ٥٢٦) رقم (٨٢٥).
(٣) أنساب الأشراف (١ / ٤٩٣) رقم ٩٩٣.
(٤) العقد الفريد لابن عبد ربه (٥ / ١٢) أخبار زياد.