اللّحية. اشتدّ مرضه ، وكان قد خافه أستاذ الدّار عضد الدّين أبو الفرج ابن رئيس الرؤساء ، وقطب الدّين قايماز المقتفويّ أكبر الأمراء ، فلمّا اشتدّ مرض الخليفة اتّفقا وواضعا الطّبيب على أن يصف له ما يؤذيه ، فوصف له الحمّام ، فامتنع لضعفه ، ثمّ أدخلها ، فأغلق عليه باب الحمّام فمات. هكذا سمعت غير واحد ممّن يعلم الحال.
قال (١) : وقيل إنّ الخليفة كتب إلى وزيره مع طبيبه ابن صفيّة يأمره بالقبض على قايماز وابن رئيس الرؤساء وصلبهما. فاجتمع ابن صفيّة بابن رئيس الرؤساء ، وأعطاه خطّ الخليفة ، فاجتمع بقايماز ويزدن ، وأراهما الخطّ ، فاتّفقوا على قتل الخليفة ، فدخل إليه يزدن ، وقايماز العميديّ ، وحملاه ، وهو يستغيث ، إلى الحمّام وأغلقاه عليه فتلف.
قال (٢) : ولمّا مرض المستنجد أرجف بموته ، فركب الوزير بالأمراء والسّلاح ، فأرسل إليه عضد الدّين يقول : إنّ أمير المؤمنين قد خفّ ، وأقبلت العافية. فعاد الوزير إلى داره. وعمد عضد الدّين ابن رئيس الرؤساء وقايماز ، فبايعا المستضيء بالله أبا محمد الحسن بن المستنجد.
قال ابن النّجّار : كان المستنجد موصوفا بالفهم الثّاقب ، والرأي الصّائب ، والذّكاء الغالب ، والفضل الباهر ، له نثر بليغ ، ونظم بديع ، ومعرفة بعمل آلات الفلك والأسطرلاب ، وغير ذلك رحمهالله تعالى (٣).
__________________
(١) في الكامل ١١ / ٣٦٠ ، ٣٦١.
(٢) في الكامل ١١ / ٣٦١.
(٣) وقال أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة : أنشدني المستنجد بالله أمير المؤمنين وكان قد مرض وشفي ، فقال : اسمع يا يحيى ما قلت في خيالي :
إذا مرضنا نوينا كلّ صالحة |
|
وإن شفينا ففينا الزّيغ والزّلل |
نخشى الإله إذا خفنا ونسخطه |
|
أمنّا فلا يزكو لنا عمل |
(تاريخ إربل ١ / ١٩٦).
وأنشد الوزير ابن هبيرة عن المستنجد بالله :
بتقوى الإله نجا من نجا |
|
وفاز وأدرك ما قد رجا |