قال : وسمعته يقول : المحبّ لسطوة سلطان الجمال مغلوب ، وبحسام الحسن مضروب ، مأخوذ عنه ، مسلوب. نجم رغبته غارب عن كلّ مرغوب ، وطالع في فنّ العيوب. مصباح حبّه يتوهّج في زجاجة وجده ، نار الوله بالمحبوب بشهاب شوقه وكمده في قلبه وكبده ساطع لا يهوب.
وقال يحيى بن القاسم التّكريتيّ : سمعت الشّيخ محمد الفارقيّ يقول : الدّنيّ الهمّة عند شهوته مستخدم في اصطبل طبعه يخدم كودن كبره ، وأتان تيهه ، وحمار خرصه ، جواد همّه مقيّد بقيود ذنابه. قد وضع على قدميه شبحة تتعبه من الجري في حلبة المكارم ، وجعل على ظهره جبل الدّكّ منسوجا من الصّفات الذّمائم.
ثمّ قال يحيى : حكى لي أبو الفتح مسعود بن محمد البدريّ قال : دخل يوسف بن محمد بن مفيد الدّمشقيّ على الشّيخ محمد الفارقيّ ومعه فقراء ، فلمّا نظر الفقراء إلى الشّيخ لحقهم وجد ، فصاحوا ، فرفع رأسه وقال : لا تخبزوا فطيرا ، فإنّ الفطير يوجع الفؤاد.
وقال ابن النّجّار : قرأت على يوسف بن جبريل بالقاهرة ، عن القاضي أبي البركات محمد بن عليّ بن محمد الأنصاريّ قال : أنا الإمام الزّاهد العارف أبو عبد الله محمد بن عبد الملك الفارقيّ بقراءتي ، ولم أر ببغداد من يدانيه من فضله ويضاهيه ، وهو المتكلّم بالعراق ، قال : ثنا شيخنا أبو البقاء المبارك بن الخلّ ، فذكر حديثا.
قلت : ابن الخلّ هو والد الفقيه أبي الحسن ، صوفيّ زاهد ، ذكرناه في سنة عشرين وخمسمائة.
وقال القاضي عمر بن عليّ القرشيّ : محمد بن عبد الملك الفارقيّ العارف ، قدم بغداد قديما ، وسمع بها من جعفر السّراج. كذا قال القاضي.
قال : وانقطع إلى الخلوة والمجاهدة والعبادة ، واستعمل الإخلاص في أعماله إلى أن تحقّق جريان حكمه من قلبه على لسانه.