وتوجّه إلى القاهرة ودخلها ، فقتل العادل رزّيك بن الصّالح ، ووزر للعاضد. ثمّ إنّه توجّه إلى الشّام ، وقدم دمشق في سنة ثمان وخمسين مستنجدا بالسّلطان نور الدّين على عدوّه ، فأنجده بالأمير أسد الدّين شير كوه بعد أربعة عشر شهرا ، فسيّره معه ، فمضى واستردّ له منصبه ، فلمّا تمكّن قال لأسد الدّين : اذهب فقد رفع عنك العناء ، وأخلفه وعده. فأسف أسد الدّين وأضمر السّوء له. وكان شاور قد استعان بالفرنج ، وحارب بهم المسلمين ، وقدموا على حميّة ، فخافهم أسد الدّين وتحصّن منهم ببلبيس شهورا ، وبقي بها محصورا حتّى ملّت الفرنج من حصاره ، فبذلوا له قطيعة يأخذها وينفصل عن بلبيس.
واغتنم نور الدّين تلك المدّة خلوّ الشّام من الفرنج ، وضرب معهم المصافّ على حارم ، وأسر ملوكهم ، وهي سنة تسع وخمسين.
وقتل شاور في ربيع الآخر سنة أربع. وكان المباشر لقتله عزّ الدّين جرديك النّوريّ.
وقال الرّوحيّ إن السّلطان صلاح الدّين ابن أخي أسد الدّين هو الّذي أوقع بشاور ، وكان في صحبة عمّه أسد الدّين.
وقيل : كان قتله إيّاه في جمادى الأولى ، وذلك أنّ أسد الدّين تمارض ، فعاده شاور ، وكان صلاح الدّين قد ضمن له فخرج عليه ، ففتك به.
ولعمارة اليمنيّ فيه :
ضجر الحديد من الحديد وشاور |
|
في نصر آل محمّد لم يضجر |
حلف الزّمان ليأتينّ بمثله |
|
حنثت يمينك يا زمان فكفّر (١) |
__________________
= التاء المثنّاة الفوقية والراء وبعد الواو الساكنة جيم ثم هاء ساكنة. وهي قريبة من الإسكندرية. (وفيات الأعيان ٢ / ٤٤٣).
(١) البيتان من جملة أبيات في النكت العصرية ٨٢.