بويع بالخلافة في ثالث عشر شعبان سنة سبع وستّين ، وهو ابن تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر (١). وتوفّي أبوه الذّخيرة والمقتدي حمل ، وأمّه أمة اسمها أرجوان (٢).
ظهرت في أيّامه خيرات كثيرة ، وآثار حسنة في البلدان.
وتوفّي في ثامن عشر المحرّم ، وهو ابن تسع وثلاثين سنة فجأة.
وكان قد ثامن عشر المحرّم ، وهو ابن تسع وثلاثين سنة فجأة.
وكان قد أحضر إليه تقليد السّلطان بركياروق ليعلّم عليه ، فقرأه وعلّم عليه ، ثمّ تغدّى وغسل يديه ، وعنده فتاته شمس النّهار ، فقال لها : ما هذه الأشخاص قد دخلوا بغير إذن؟.
قالت : فالتفتّ ، فلم أر شيئا ، ورأيته قد تغيّر حاله ، واسترخت يداه وسقط. فظننت أنّه غشي عليه. ثمّ تقدّمت إليه ، فرأيت عليه دلائل الموت ، فقلت لجارية عندي : ليس هذا وقت النّعي ، فأن صحت قتلتك. وأحضرت الوزير ، فأخبرته ، فأخذوا في البيعة لولده المستظهر بالله أحمد (٣).
وعاشت أمّه إلى خلافة ابن ابنها المسترشد بالله (٤).
وكانت قواعد الخلافة في أيّامه باهرة ، وافرة الحرمة. بخلاف من تقدّمه.
ومن محاسنه أنّه أمر بنفي المغنّيات والخواطي (٥) من بغداد ، وأن لا يدخل أحد الحمّام إلّا بمئزر. وضرب أبراج الحمام صيانة لحرم النّاس.
وكان ديّنا خيّرا ، قويّ النّفس ، عالي الهمّة (٦) ، من نجباء بني العبّاس.
__________________
(١) المنتظم ٨ / ٢٩٠ ، الكامل ١٠ / ٩٤ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ٢٠٥ ، وفي الخريدة ١ / ٢٥ مدّة خلافته تسع عشرة سنة وخمسة أشهر وثلاثة أيام.
(٢) في الإنباء في تاريخ الخلفاء «الأرجوانية». (٢٠١) ، والمثبت هو الصحيح. وينسب إليها الرباط الأرجواني بدرب زاخا ببغداد ، وهو شارع المتنبي الحالي. وقال ابن النجار إن اسم أمّه «علم». (سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢٣).
(٣) انظر : تاريخ الزمان لابن العبري ١٢١ ، والخبر في : سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢٣.
(٤) المنتظم ٨ / ٢٩١ ، ٢٩٢ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٣٠ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٤.
(٥) في العبر ٣ / ٣١٦ : «الحواظي» وهو تحريف.
(٦) المنتظم ٨ / ٢٩٣ ، ٢٩٤ ، الكامل ١٠ / ٢٣١ ، وقال ابن العمراني : كان المقتدي بأمر الله شهما شجاعا ذا بصيرة وجدّ ، وكان يرجع إلى فضل وافر وعقل كامل. (الإنباء ٢٠١).