دوره في محاربة مؤامرة رفض
الدين :
سبق وأن أشرنا الى انّ العصر الذي عاش
فيه الشيخ القمّي من أشدّ العصور الحرجة التي مرّت بها امتنا الاسلامية ، فقد
اتّحد الشرق والغرب العلماني والمسيحي على قلع الجذور الدينية الاسلامية من بلاد
المسلمين بعدها ظهر الضعف في الأنظمة التي حكمت البلاد الاسلامية وبالخصوص الدولة
العثمانية والدولة القاجارية.
ولا يسع المقام في هذا المقال شرح كل
خيوط المؤامرة الاستكبارية وسبب انحطاط المسلمين وانهيار قوتهم وظهور العجز الكبير
في وجودهم السياسي وغيره.
ولكننا لابدّ وأن نثبت هنا حقيقة مهمّة
وهي أن الاستعمار الشرقي والغربي استطاع أن يصرف الكثير من المسلمين عن الأسباب
الحقيقية للانهيار ، وخداعهم بأنّ السبب الرئيسي هو نفس الدين يعتنقونه.
وقد مؤّهوا عليهم بأنّ أوربا لم تستطع
أن تحصل على النهضة السياسية والاقتصادية والفكرية إلاّ بعد التخلص من هيمنة
الكنيسة وعزل الدين عن السياسة ، وابعاد (رجال الدين) عن مقدرات الامة وتضييق
دائرة حركتهم السياسية والاجتماعية. ولذلك فعلى الامّة الاسلامية اذا أرادت أن
تتخلص من الانهيار الحضاري الذي اعتراها بالعصر الحاضر فعليها أن تخطو نفس الخطوات
التي سلكتها الدول الصناعية الكبرى برفض الدين والتحجير على رجاله وتضييق دائرة
حركتهم واطلاق الحريات للجميع يمارسونها كيفما يشاؤوا.
وبالواقع فانّ اولئك الذين خططوا للقضاء
على الامة الاسلامية كانوا يعون ما يقولون ويتحركون ضمن خطط دقيقة مسبقة ، وكانوا
يحسون أن نقطة الخطر أمام الاستعمار تكمن في شخصية الانسان المسلم ، وما لم يتمكن
الغرب والشرق من مسخ شخصية الانسان المسلم وابدالها بشخصية غريبة عن تاريخ الامة
وتقاليدها ، فانّهم لا يستطيعون أن ينفذوا شئياً من خيوط المؤامرة ، وخصوصاً