والمستبد برأيه
محدث مبتدع. وفي الخبر عن النبي عليه الصلاة والسلام : «ما شقي امرؤ عن مشورة ،
ولا سعد باستبداد برأي» وربّما يكون المستفيد من غيره مقلدا قد وجد مذهبا اتفاقيا
بأن كان أبواه أو معلمه على اعتقاد باطل فيتقلد منه دون أن يتفكر في حقه وباطله ،
وصواب القول فيه وخطئه ، فحينئذ لا يكون مستفيدا ، لأن ما حصل على فائدة وعلم ،
ولا اتبع الأستاذ على بصيرة ويقين (إِلَّا مَنْ شَهِدَ
بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) شرط عظيم فليعتبر.
وربما يكون
المستبد برأيه مستنبطا مما استفاده على شرط أن يعلم موضع الاستنباط وكيفيته ،
فحينئذ لا يكون مستبدا حقيقة ، لأنه حصل العلم بقوّة تلك الفائدة (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ
مِنْهُمْ) ركن عظيم ، فلا تغفل.
فالمستبدون بالرأي
مطلقا هم المنكرون للنبوات مثل الفلاسفة ، والصابئة ، والبراهمة وهم لا يقولون
بشرائع وأحكام أمرية ، بل يضعون حدودا عقلية حتى يمكنهم التعايش عليها.
والمستفيدون هم
القائلون بالنبوات.
ومن كان قال
بالأحكام الشرعية فقد قال بالحدود العقلية ، ولا ينعكس.
تمهيد
أرباب الديانات والملل
من المسلمين ، وأهل الكتاب ، وممن له شبهة كتاب
نتكلم هاهنا في
معنى الدين ، والملّة ، والشريعة ، والمنهاج والإسلام ، والحنيفيّة ، والسنّة ،
والجماعة. فإنها عبارات وردت في التنزيل ، ولكل واحدة منها معنى يخصها وحقيقة
توافقها لغة واصطلاحا. وقد بينا معنى الدين أنه الطاعة والانقياد. وقد قال الله
تعالى : (إِنَّ الدِّينَ
عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) ، وقد يرد بمعنى
__________________