ثم إن العجاردة افترقوا أصنافا ، ولكل صنف مذهب على حياله ، إلا أنهم لما كانوا من جملة العجاردة أو رددناهم على حكم التفصيل بالجدول والضلع وهم :
(أ) الصلتية (١) : أصحاب عثمان بن أبي الصلت ، أو الصلت بن أبي الصلت. تفرد عن العجاردة بأن الرجل إذا أسلم توليناه وتبرأنا من أطفاله حتى يدركوا فيقبلوا الإسلام.
ويحكى عن جماعة منهم أنهم قالوا : ليس لأطفال المشركين والمسلمين ولاية ولا عداوة حتى يبلغوا فيدعوا إلى الإسلام فيقروا ، أو ينكروا.
(ب) الميمونية : أصحاب ميمون بن خالد. كان من جملة العجاردة إلا أنه تفرد عنهم بإثبات القدر خيره وشره من العبد. وإثبات الفعل للعبد خلقا وإبداعا ، وإثبات الاستطاعة قبل الفعل ، والقول بأن الله تعالى يريد الخير دون الشر ، وليس له مشيئة في معاصي العباد. وذكر الحسين الكرابيسي (٢) في كتابه الذي حكى فيه مقالات الخوارج : أن الميمونية يجيزون نكاح بنات البنات ، وبنات أولاد الإخوة والأخوات ، وقالوا : إن الله تعالى حرم نكاح البنات ، وبنات الإخوة والأخوات ، ولم يحرم نكاح البنات ، وبنات الإخوة والأخوات ، ولم يحرم نكاح أولاد هؤلاء.
وحكى الكعبي والأشعري عن الميمونية إنكارها كون سورة يوسف من القرآن ، وقالوا بوجوب قتال السلطان ، وحدّه ، ومن رضي بحكمه ، فأما من أنكره فلا يجوز قتاله إلا إذا أعان عليه ، أو طعن في دين الخوارج ، أو صار دليلا للسلطان ، وأطفال المشركين عندهم في الجنة.
__________________
(١) في التبصير والفرق بين الفرق أنهم أتباع صلت بن عثمان وفي الاعتقادات والتعريفات والمقريزي أنهم أتباع عثمان بن أبي الصلت. وهم كالعجاردة. وعندهم أن من دخل في مذهبهم فهو مسلم.
(٢) كان من المجبرة ، عارفا بالحديث والفقه وله تصانيف منها كتاب المدلسين في الحديث ، وكتاب الإمامة ، وكتابه في القضاء يدل على سعة علمه وتبحره ، ويقال إنه من جملة مشايخ البخاري توفي سنة ٢٥٦ ه. (راجع لسان الميزان ص ٣٠٣ وفهرست ابن النديم ص ٢٥٦).