وهذا كما يحمل في القرآن المجيء ، والإتيان على إتيان ملك من الملائكة ، وهو كما قال تعالى في حق مريم عليهاالسلام : (فَنَفَخْنا) (١) فِيها مِنْ رُوحِنا (٢). وفي موضع آخر : (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) (٣) وإنما النافخ جبريل عليهالسلام ، حين تمثل لها بشرا سويّا ليهب لها غلاما زكيّا (٤).
٥ ـ السامرة (٥)
هؤلاء قوم يسكنون جبال بيت المقدس وقرايا من أعمال مصر ، ويتقشفون في
__________________
(١) أي أجرينا فيها روح المسيح كما يجري الهواء بالنفخ ، والنافخ جبريل. نفخ في جيب درعها فخلق الله المسيح في رحمها من تلك النفخة بأمر الله تعالى.
(٢) سورة الأنبياء : الآية ٩١.
(٣) سورة التحريم : الآية ١٢.
(٤) إشارة إلى قوله تعالى في سورة مريم : الآيات ١٧ ـ ١٨ ـ ١٩ : (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا* قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا* قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا).
(٥) في المقريزي ٤ : ٣٦٩ واعتقادات ص ٨٣ والمسألة اليهودية ص ١٦ وتاريخ الإسرائيليين ص ١٢٢ : «السامرة ، وبالعبرية كوتيم ، وهم ليسوا من بني إسرائيل البتة ، وإنما هم قوم قدموا من بلاد المشرق وسكنوا بلاد الشام ، وتهودوا وكانوا لا يؤمنون بنبي غير موسى وهارون ولا بكتاب غير التوراة ، وما عداهم من اليهود يؤمنون بالتوراة ، وغيرها من كتب الله تعالى وهي خمس وعشرون كتابا ككتاب أشعيا وأرميا وحزقيل. وكان السامرة يطلقون على أنفسهم اسم شومريم أي سامرة من اسم شمرون أو بني إسرائيل وكانوا يقولون إنهم من أولاد يوسف أو لسكناهم مدينة شمرون. وشمرون هذه هي مدينة نابلس وكانوا ينكرون نبوة داود ومن تلاه من الأنبياء وأبوا أن يكون بعد موسى نبي وجعلوا رؤساءهم من ولد هارون.
وذكر المسعودي أن السامرة صنفان متباينان أحدهما يقال له الكوشان والآخر الروشان. أحد الصنفين يقول بقدم العالم. والسامرة تزعم أن التوراة التي في أيدي اليهود ليست التوراة التي أوردها موسى عليهالسلام ويقولون توراة موسى حرّفت وغيّرت وبدّلت وأن التوراة هي ما بأيديهم دون غيرهم.
وذكر البيروني أن السامرة تعرف باللامساسية. قال وهم الأبدال الذين بدلهم بختنصر بالشام حين أسر اليهود وأجلاهم وكانت السامرة أعانوه ودلوه على عورات بني إسرائيل فلم يحاربهم ولم يقتلهم ولم يسبهم وأنزلهم فلسطين من تحت يده ومذاهبهم ممتزجة من اليهودية والمجوسية وعامتهم يكونون بموضع من فلسطين يسمّى نابلس وبها كنائسهم ... ولا يقرون بنبوة من كان بعد موسى عليهالسلام من أنبياء بني إسرائيل وقد بقي منهم إلى عصرنا الحاضر قرابة ثلاثمائة وهم في نابلس في كل سنة يصعدون إلى جبل جزيزيم «كزيرم» للعبادة منتظرين مجيء المسيح الموعود به».